[size=32]
[/size][size=32][/size][size=48]سورة الكهف[/size][size=32][/size]
[size=32]
[/size][size=32]الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
مع سورة الكهف :
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً * قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبا ﴾
فضلُ سورة الكهف :
[/size][size=32]
[/size][size=32] عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ))
( الجامع الصغير بسند صحيح )
موضوعات سورة الكهف :
القصص :
الذي يغلب على هذه السورة القصص ، ففيها قصة أهل الكهف ، وقصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر ، وفيها قصة ذي القرنيين ، وهذه القصص إنما تؤكد العقيدة الصحيحة ، وتوضح المنهج الصحيح ، وتصحح بعض القيم .
تصحيح العقيدة :
في هذه السورة تصحيح للعقيدة ، وللمنهج ، وللقيم ، وسوف نأتي على هذه بالتفصيل ، في أثناء شرح الآيات .
قبل كل شيء ، يقول الله سبحانه وتعالى في مطلع هذه السورة :
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾
نِعَمُ الله لا تعدّ ولا تُحصى : الحَمْدُ للَّهِ :
أما كلمة الحمد فتعني النعم ، لأن الإنسان يحمد على النعمة ، فكلمة الحمد وحدها تشير إلى أن الإنسان محاط بنعم لا تعد ولا تحصى ، يعجز المرء عن إحصائها ، فضلاً عن شكرها .
نعمة الوجود ، ونعمة الإمداد ، ونعمة الهدى ، ونعمة هذه الأجهزة التي زودنا الله بها ، كنعمة البصر ، ونعمة السمع ، ونعمة التفكير ، ونعمة الإدراك ، ونعمة الزوجة ، و نعمة الأولاد ، ونعمة الماء العذب الذي صفاه الله لنا ، ونعمة الحيوانات التي ذللها الله لنا ، ونعمة النبات الذي يخرج من الأرض من دون جهد منا .
فلو ذهبنا إلى تعداد النعم ، فإننا نقضي العمر قبل أن تنقضي بعضها ، ولذلك فكلمة الحمد وحدها تعني أن الإنسان محاط بنعم لا تعد ولا تحصى ، ولا أحد على وجه الأرض ينكر أن يكون الإنسان محاطاً بالنعم ، ولكن المشكلة أن هذا الحمد لمن ؟ إنه لله .
أهل الكفر يعزون هذه النعم إلى أنفسهم ، إلى جهدهم ، إلى آلهة أشركوها مع الله عز وجل ، والحق أن النعمة موجودة ، ولكن من صاحبها ؟ من الذي يستحق الشكر عليها ؟
يا داود ، ذكر عبادي بإنعامي عليهم ، فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها .
فلو أن إنساناً أسدل إليك نعمة ، أو عطاءً ، إنك تظل إلى أمد طويلٍ طويل تشكره من أعماقك ، فما بالك وقد أنعم الله عليك بهذا الخلق السوي ؟ إذا نظر الإنسان إلى وجهه في المرآة يجب أن يشكر الله عز وجل .
وكان عليه الصلاة والسلام : إذا نظر إلى وجهه ، دعا بدعاء ، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي ))
(أحمد في المسند)
يا رب كيف أشكرك ؟ قال الله عز وجل ، تذكرني ولا تنساني ، إنك إذا ذكرتني شكرتني ، وإذا ما نسيتني كفرتني . ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾
( سورة الأحزاب : 41 ـ 42 )
اذكروه ذكراً كثيرا ، إنك إذا ذكرته شكرته ، وإذا ما نسيته كفرته ، علامة الشكر أن تكثر ذكره ، وأن تعرف أن هذه النعمة من عنده .
فكلمة الحمد فقط وحدها تعني أنك محاط بنعم لا حدود لها ، لا تنتهي ، ولا حصر لها ، الحمد .
كلُّ النَعم من الله وحده :
أما كلمة لله ، فهذه النعم ، التي أنت فيها ، يجب أن تشكر الله عليها ، لأن الله هو مصدرها ، وهذا هو الفرق بين المؤمن والكافر ، فالمؤمن يعرف أن النعم من عند الله ، وغير المؤمن ينسبها إلى غير الله ، وفي الحديث القدسي عن أبي الدرداء عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ :
(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويُعبد غيري ، وأرزق ويشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إلي صاعد ، أتحبب إليهم بنعمي ، وأنا الغني عنهم ، ويتبغضون إلي بالمعاصي ، وهم أفقر شيء إلي ))
(البيهقي في شعب الإيمان ، والمناوي في فيض القدير)
كيف أنت مع هذه النعم ؟
1 - نعمة البصر :
لقد بلغ رجل أعلى المراتب ، وحصل على أعلى الشهادات ، واحتل أرفع المناصب ، وكل شيء يجده على ما يرام ، وفجأةً يفقد بصره ، ويقول لصديقه : أتمنى أن أجلس على الرصيف ، وأتسول ، وأن يرد الله لي بصري فيجيبه : يوم تمتعت بنعمة البصر هل عرفت أن هذه النعمة من الله عز وجل ؟ جعلك ترى الأشياء التي تحبها ، وترى الألوان ، ونعمة السمع ينبغي أن نعرفها قبل أن نفقدها .
ومن علامة التوفيق أن ترى النعمة بوجودها لا بفقدها ، لكن الناس جميعاً إذا فقدوا بعض النعم تحسسوا لها ، وعندئذٍ عرفوا قيمتها ، ولكن البطولة أن تعرف النعمة وأنت مستمتع بها ، وأن تقول اللهم متعنا بأسماعنا ، وأبصارنا ، و قوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا .
فهذا ينسحب أيضاً على سورة الفاتحة تقول في كل صلاة ، وفي كل ركعة : الحمد لله رب العالمين .
فلو أن قناة العين الدمعية ، وهي أدق قناة في الإنسان ، أغلقت لاضطررت أن تمسك منديلاً تمسح الدمع الذي يفيض على خديك طوال النهار ، ولأثَّر هذا الدمع على صفحة الوجه ، وترك بعض أنواع الالتهاب . 2 - جهاز التوازن :
وجهاز التوازن الذي منحك الله إياه لولاه لا تستطيع أن تسير على قدمين . 3 - الأذنان :
والأذنان ، لو أن للإنسان أذناً واحدة لما عرف جهة الصوت ، ولكن الصوت إذا جاءك من خلفك فهناك جهاز في الدماغ يقيس تفاضل وصول الصوتين إلى الأذنين ، والتفاضل واحد على ألف وستمئة وخمسين جزءًا من الثانية ، فتعرف أنت من خلال الأذنين أن جهة الصوت من اليمين ، فإذا كان بوق السيارة من اليمين ، فتتجه نحو اليسار .
ولو أن للإنسان عيناً واحدة لما عرف البعد الثالث ، فبالعين الواحدة يرى الطول والعرض ، وبالعينين يرى الطول والعرض والبعد الثالث ، ولو أن في الشعر أعصاباً حسية لما أمكننا أن نحلق رؤوسنا ، ما هذه الحكمة البالغة ؟ إن الأظافر ، والشعر ليس فيهما أعصاب حسية . 4 – تسوية الخَلق :
إنّ الله خلقنا فسوانا . ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾
( سورة التين : 4 )
﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ*فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾
(سورة الانفطار : 7 )
نعمة الخلق ، ونعمة الأجهزة ، ونعمة الأعضاء ، ونعمة الزوجة ، ونعمة الولد ، ونعمة الدفء ، ونعمة الشمس ، ونعمة القمر ونعمة الطعام ، ونعمة الشراب . وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا
هذه النعم لا يمكن إحصاؤها ، لذلك يقول الله عز وجل :
﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾
( سورة النحل : 18 )
ففي الآية دقة بالغة ، لم يقل الله عز وجل : وإن تعدوا نعم الله ، بل قال :﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾
( سورة النحل : 18 )
إنك إذا أمضيت كل حياتك في تَعداد الفوائد المترتبة على نعمة واحدة لا تستطيع ، فإن كنت عاجزاً عن أن تحصي هذه النعم ، فأنت عن شكرها أعجز .تعلُّقُ حمدِ اللهِ بأمرين :
1 – إنزال الكتاب :
الحمد لله ، لكن الحمد هنا متعلق بشيء آخر .
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾
2 – خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ :
وفي سورة أخرى :
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾
( سورة الأنعام : 1)
هناك توازٍ ، فخلق السماوات والأرض شيء يحمد الله عليه ، وإنزال هذا الكتاب شيء آخر يحمد الله عليه .
توضيحاً لهذه الآية ؛ لو أنك اشتريت جهازاً بالغ التعقيد لتحليل الدم ، وإن كل نقطة من هذا الدم إذا وضعت على الجهاز أعطتك عشرين تحليلاً بكبسة زر ، وإنك إذا استعملت هذا الجهاز ، واستثمرته تجارياً ربما عاد عليك في اليوم بمئات الألوف ، لكنك لا تستطيع أن تشغله إلا بتعليمات الشركة ، والشركة أرسلت لك هذا الجهاز من دون تعليمات ، فمع أن ثمنه باهظ ، ومع أن دخله كبير جداً إلا أن هذا الجهاز مفتقر إلى تعليمات ترسلها الشركة ، فربما كانت هذه التعليمات لا تقل قيمة عن الجهاز ، لأن الجهاز من دون تعليمات معطل ، جمدت ثمنه ، وتعطل استثماره ، فإذا تحصلت على هذه التعليمات ، وأمكنك بموجبها أن تشغل الجهاز ، وأن تجني منه مئات الألوف ، تشعر أن هذه التعليمات المكتوبة لا تقل عن هذا الجهاز الضخم ، من هنا جاء قوله تعالى : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾
( سورة الأنعام : 1)
خلق السماوات ، وخلق المجرات ، وخلق الشمس ، وخلق القمر ، وخلق النجوم ، وخلق الأرض ، وخلق الجبال ، وخلق الوديان ، والصحارى ، والسهول ، والبحار ، والأنهار ، والأسماك ، والأطيار ، والإنسان ، والغابات ، فإذا لم تعرف الله عز وجل ، وإذا تحركت على الأرض وفق الهوى ، ووفق الشهوة هلكت ، وأهلكت ، إذاً ما قيمة الكون ؟ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾
نعمة إنزال الكتاب توازي نعمة خلق الكون :
هذا الكتاب يقول لك : افعل ولا تفعل ، وكل هذا الطعام ، ودع لحم الخنزير ، واشرب هذا الشراب ، ودع الخمر ، وتزوج ، ولا تزن ، إن هذا الكتاب يوضح لك الطريق إلى سعادة الدنيا والآخرة ، فالمنهج السليم إلى السلامة في الدنيا والآخرة فلذلك نعمة الكتاب توازي نعمة خلق الكون ، والدليل القرآن الكريم :
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾
( سورة الأنعام : 1)
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾
فخلق السماوات والأرض نعمة الإيجاد ، والكتاب نعمة الإرشاد ، وربما لا تقل نعمة الإرشاد عن نعمة الإيجاد ، وما قيمة وجودنا من دون هدى ؟ وما قيمة الهدى من دون وجودنا ؟ شيئان متكاملان ؛ الإيجاد والهدى .
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾
أي إذا قرأت هذا الكتاب ، ووعيت ما في الكتاب ، وطبقت ما فيه عشت حياةً سعيدةً ، فيها الطمأنينة ، والسكينة ، والاستبشار ، والتفاؤل ، وعرفت أنها مؤقتة ، وأنها مزرعة للآخرة ، وأن الدنيا دار تكليف ، وأن الآخرة دار تشريف ، إذا عرفت هذه الحقائق ، واتصلت بالله عز وجل ، سعدت بقربه ، بعد أن استقمت على أمره ، فإذا فعلت كل هذا تعرف أن هذا الكتاب يحمد الله عليه ، كما يحمد على خلق السماوات والأرض .
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾
( سورة الأنعام : 1)
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾
أنت أمام نعمتين : نعمة الإيجاد ونعمة الإرشاد :
ما قيمة الجامعة ، وأبنيتها الشاهقة ، وملاعبها ، ومكتبتها ، وقاعات المحاضرات ، من دون كتب ، ومن دون تدريس ، فروح الجامعة التدريس والكتب ، فكأن البناء شيء ، والمنهج والمدرس ، والكتاب شيء آخر ، ربما كان هو الأهم ، إذاً نحن أمام نعمتين كبيرتين ؛ نعمة الإيجاد .
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾
( سورة الأنعام : 1)
ونعمة الإرشاد . ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾
ولذلك قال الله عز وجل :
﴿ فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾
( سورة طه : 123 )
﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
( سورة البقرة : 38 )
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾
مقام العبودية لله أرفع مقامات الإنسان :
والنبي عليه الصلاة والسلام عبده ورسوله ، ومقام العبودية أرفع مقام يناله الإنسان على وجه الأرض ، أي أن يكون عبداً لله ، فالعبودية أن تنقاد انقياداً طوعياً إلى أوامر الله كلها ، صغيرها وكبيرها ، في شتى المناحي والميادين ، انقياداً طوعياً ، وعندئذٍ فهذا الانقياد لابد أن يبنى على معرفة يقينية ، فإذا بني الانقياد الطوعي على معرفة يقينية انتهى هذا الانقياد إلى سعادة أبدية في الدنيا والآخرة .
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
( سورة الذاريات : 56 )
لذلك ؛ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، فإذا كنت عبداً لله بالمعنى الصحيح الذي أراده الله عز وجل تكون قد حققت الهدف الذي من أجله خُلقت ، وما أروع أن يعرف الإنسان الهدف الذي من أجله خلق ، وما أروع أيضاً أن يكون في الطريق الصحيح نحو هذا الهدف الذي من أجله خلق ، أن تعبد الله ، وأن تطيعه في المنشط والمكره ، فيما عرفت حكمته ، وفيما لم تعرف ، وأن تطيعه في علاقاتك كلها مع جيرانك ، و زوجتك ، و أولادك ، و من تحب ، و من تبغض ، ومع أعدائك و أصحابك ، و من تتعامل معهم . ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾
معنى الكتاب :
الكتاب ؛ أي القرآن الكريم ، وفي بعض التفاسير مطلق الكتب السماوية ، فالله عز وجل خلق الخلق ، وهداهم إلى الصراط المستقيم ،
﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً.﴾
( سورة البقرة : 30 )
لئلا تنقطع الأرض عن الهدى الرباني .
وسيدنا علي يقول : << يا كميل : العلم خير من المال ، لأن العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق ، يا كميل مات خزان المال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ، الناس ثلاثة : عالم رباني ، ومستمع على سبيل نجاة ، وهمج رعاع ، أتباع كل ناعق ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وفيق ، فاحذرْ يا كميل أن تكون منهم >> .
إذاً : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً﴾
عظمة القرآن :
الكتاب هو هذا القرآن الكريم ، هو الدستور ، هو الغنى الذي لا فقر بعده ولا غنىً دونه
هو الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم : [/size][size=32]
[/size][size=32](( لا يحرَق قارئ القرآن ))
(الديلمي في الفردوس عن أنس)
هو الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم :
(( من تعلم القرآن متعه الله بعقله حتى يموت ))
[/size][size=32][/size]