عشيرة المهيدات تشارك في أول حكومة أردنية 




شارك السيد أحمد بن موسى بن حيدر مريود المولود في عام 1886 م في قرية جباتا الخشب من قرى القنيطرة في هضبة الجولان في سوريا في أول حكومة في عهد الإمارة تشكـَّـلت في 11/4/1921م معاوناً لنائب العشائر، وكان يطلق على الحكومة إسم مجلس المشاورين ، وكانت مشاركة شخصيات عربية من بلدان عربية مختلفة في حكومات شرقي الأردن أمراً عادياً تماماً بسبب ما كان يغلب على الشرق أردنيين من مشاعر عروبية ووحدوية ، فبعد نجاح المحتلين الفرنسيين بالقضاء على الحكومة العربية بزعامة الملك فيصل بن الحسين التي كانت عاصمتها دمشق لجأ معظم رجالات حزب الإستقلال العربي الذي كان الملك فيصل يعتمد عليهم إلى شرقي الأردن فاحتضنهم الأمير المؤسِّـس عبد الله بن الحسين وشجَّـعهم على تأسيس فرع أردني لحزب الإستقلال العربي واعتمد عليهم في تشكيل أول حكومة للإمارة برئاسة رئيس الفرع اللبناني الأصل رشيد طليع ، وضمَّت الحكومة أحمد مريود السوري الأصل الذي تعود جذوره إلى عشيرةالمهيدات الأردنية ومظهر رسلان السوري الأصل ، وحسن الحكيم السوري الأصل ، والقائم مقام علي خلقي باشا الشرايري من عشيرة الشرايري الأردنية ، وأمين التميمي الفلسطيني الأصل الذي كان مقيما في سوريا ، والأمير شاكر بن زيد والشيخ محمد الخضر الشنقيطي اللذان قدما مع الأمير المؤسِّـس ، وشارك أحمد مريود في ثاني حكومة تشكـَّـلت في 5/7/1921م برئاسة الرئيس رشيد طليع وشغل نفس المنصب ، ثمَّ عاد وشغل نفس المنصب في حكومة الرئيس مظهر رسلان المشكـَّـلة في 15/8/1921م بعد أن أصبح اسم الحكومة مجلس المستشارين ، وشغل نفس المنصب للمرة الرابعة في حكومة الرئيس علي رضا الركابي المشكـَّـلة في 10/3/1922م .

اصول عشيرة المهيدات, تاريخ عشيرة المهيدات Elmstba.com_1469262856_386
رشيد طليع

وتلتقي العديد من الروايات على أن عائلة مريود التي ينتمي إليها الوزير أحمد مريود تعود بأصولها إلى عشيرة الهنادي التي تعود بجذورها إلى قبيلة المهيداتالتي كانت تقبض ذات مرحلة على إمارة وزعامة البلقاء في الأردن ، ففي كتابه ( محافظة الزرقاء الفتية ) يذكر الشيخ أحمد أبو خوصة أن لآل مريود في الجولان أقارب في شمال الأردن هم عشيرة المهيدات الذين ينحدرون من آل مهيد من فخذ المنيع من الفدعان من خنا بشر ( ضنا بشر) من قبيلة عنزة ، ويذكر النائب السابق الدكتور محمود محسن فالح مهيدات في كتابه ( عشائر شمالي الاردن ) أن المهيدات فرع من قبيلة الفدعان المنحدرة من ضنا بشر من القبيلة الأم ( اعنزة ) ، ويذكر الأستاذ سليمان الموسى في كتابه ( صور البطولة ) أن آل مريود من عرب الهنادي من نسل الأمير المهداوي في البلقاء ، والمعروف أن الأمير المهداوي ( بعض الروايات تسمِّـيه المهيدي ) كان من أشهر شيوخ قبيلة المهيدات التي كانت تقبض ذات مرحلة على إمارة وزعامة البلقاء في الأردن ، وهناك رواية تقول إن عرب الهنادي الذين ينحدرون من المهيدات هم أصلاً من قبيلة بني هلال كما ذكر المؤرِّخ مصطفى مراد الدبَّـاغ في كتابه ( القبائل العربية وسلائلها في بلادنا فلسطين ) ، وتقول رواية إن آل مريود يلتقون بصلة قرابة مع عشيرة الهناندة في أيدون/ أربد، ويذكر الموقع الإلكتروني لمركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية أن الوزير أحمد مريود ينتمي إلى قبيلة المهيدات التي كانت تقبض على إمارة وزعامة البلقاء في الأردن ، ويذكر أن الجذور التاريخية لقبيلة المهيدات تعود إلى قبيلة بني سلام من نسل العرب العدنانية ، وهناك رواية تقول إن عرب الهنادي الذين ينحدرون من المهيدات هم أصلاً من قبيلة بني هلال كما ذكر المؤرِّخ مصطفى مراد الدبَّـاغ في كتابه ( القبائل العربية وسلائلها في بلادنا فلسطين ) . 

 

وربما يُـرجِّـح الرواية التي تردُّ جذور الوزير أحمد مريود إلى قبيلة المهيدات ما ذكره النائب السابق الدكتور محمود محسن فالح مهيدات في كتابه ( عشائر شمالي الأردن ) من أن قسما من المهيدات ارتحلوا من مركز سلطتهم في تبنة في شمال الأردن إثر نزاع دام مع عشيرة أخرى وأنهم التقوا مع أبناء عمومتهم الذين كانوا يقيمون في منطقة الحولة وارتحلوا معهم إلى منطقة القنيطرة في الجولان بسوريا وسكنوا في قرى جباتا الخشب ( حيث ولد الوزير أحمد مريود ) ، وجباتا الزيت ، وفيق ، وكفر حارب ، ويُعزِّز الضابط الإنجليزي فريدريك . ج . بيك في كتابه ( تاريخ شرقي الأردن وقبائلها ) الرواية التي تتحدَّث عن ارتحالالمهيدات من تبنة في شمال الأردن إلى قرية جبانة الخشب في منطقة القنيطرة في الجولان بسوريا إثر نزاع دام مع عشيرة أخرى . 
تلقى أحمد مريود دراسته الابتدائية في مدارس القنيطرة ومرحلة التعليم الإعدادي في دمشق ، ثمَّ أتمَّ دراسته الثانوية في مكتب عنبر في دمشق الذي كان يعتبر أرقى المعاهد العلمية في المنطقة العربية في العهد العثماني ، وقد عُـرف عنه ولعه بقراءة تاريخ العرب في عصورهم الزاهرة ، وكان صديقه الشيخ تركي العبيدات يقول عنه : ( أحمد مريود يتحدَّث في التاريخ العربي وكأنه الطبري أو المقريزي) ، وقد دفع الحماس لإعادة أمجاد الأمة العربية بأحمد مريود إلى إصدار جريدة (الجولان) الأسبوعية في القنيطرة وأعلن أنها ستكون صوت الحق العربي ، إلا أنها توقفت بسبب إنشغال مريود في نشاطات الحركة الوطنية العربية ، فقد كان عضوا ناشطا في التنظيم السري التابع لجمعية ( العربية الفتاة ) التي شكـَّـلها رجالات الحركة الوطنية العربية للتصدِّي لسياسة التتريك التي كانت تنتهجها ضد العرب حكومة حزب الإتحاد والترقـِّي التي كان معظم قادتها من يهود الدونمة ومن الماسونيين والتي كانت تتسلط على الدولة العثمانية في عقدها الأخير ( 1908 ــ 1918 م ) ، وكان مريود خلال الحرب العالمية الأولى يساعد على تجهيز الشبـَّان العرب الفارِّين من جيوش الإتحاديين الأتراك للحاق بثورة شريف مكة الحسين بن علي ، وبسبب نشاطاته ألقى الإتحاديون القُبض على مريود وأودع سجن عالية في لبنان بتهمة مساعدته على الفرار للكثير من الوطنيين الذين كانت محاكم الجنرال الإتحادي جمال باشا السفاح تحكم عليهم بالإعدام ، وبقي مسجوناً إلى حين انتهاء الحرب العالمية الأولى بخروج الإتحاديين الأتراك من البلاد العربية ، وعندما غدر الحلفاء الإنجليز والفرنسيون بعهودهم للعرب وقرَّروا تقسيم الأراضي العربية بينهم لتصبح سوريا ولبنان تحت سيطرة الفرنسيين وتصبح فلسطين وشرقي الأردن تحت سيطرة الإنجليز سارع أحمد مريود إلى الجولان ليعلن الثورة ضدَّ المحتلين الفرنسيين في تشرين أول سنة 1919 ضد المحتل الفرنسي ، وشارك مريود في المؤتمر السوري الذي أعلن استقلال سوريا الطبيعية ( سوريا ، لينان ، فلسطين ، شرقي الأردن ) وأعلن قيام الدولة العربية وعاصمتها دمشق بزعامة الملك فيصل بن الحسين الذي توِّج ملكا على سورية في 8/3/1920م ، وقد شارك أحمد مريود في تأسيس حزب الإستقلال العربي الذي اعتمد عليه الملك فيصل بن الحسين في تأسيس الحكومة العربية في سوريا ، وعندما نجح المحتلون الفرنسيون بالتواطؤ مع المحتلين الإنجليز في القضاء على الدولة العربية اندلعت الثورة الشعبية الغاضبة ضدَّ المحتلين الفرنسيين وتحوَّلت منطقة القنيطرة وقرى جبل الشيخ وخاصة قرية جباتا الخشب مركزا من أهم مراكز الثورة بقيادة أحمد مريود ، وعندما هاجم المحتلون الفرنسيون الثوار في الجولان بقوات كبيرة انسحب أحمد مريود ورفاقه الثوار إلى شرقي الأردن ليشارك في تأسيس الفرع الأردني لحزب الإستقلال العربي بتشجيع من الأمير عبد الله بن الحسين وليشغل َعدَّة َمناصب وزاريَّة في الحكومات الأربع الأولى في عهد المملكة ، ولم يشغله نشاطه السياسي عن دعم الثورة في سوريا فاتخذ من بلدة كفرسوم بدعم من أهاليها وخاصةعشيرة العبيدات وشيخها صديقه تركي العبيدات قاعدة مركزية لمرحلة جديدة من النضال والكفاح المسلح ضد المحتل الفرنسي ضمن خطة عسكرية لشن حرب استنزاف على القوات الفرنسية في سوريا انطلاقاً من الأردن ، وقام المجاهدون بمهاجمة موكب الجنرال غورو قائد جيوش الإحتلال الفرنسي أثناء توجهه إلى بلدة القنيطرة في الجولان في 23/6/1921م وهو نفس اليوم الذي قدَّمت فيه حكومة الرئيس رشيد طليع استقالتها وكان أحمد مريود أحد وزرائها ، وسارع المحتلون الفرنسيون لتوجيه الإتهام لأحمد مريود بالمشاركة في التخطيط لعملية إغتيال الجنرال غورو الذي أصيب في ذراعه ، ومارسوا ضغوطا على حلفائهم الإنجليز ليمارسوا بدورهم ضغوطهم على الإمارة الأردنية التي كانت تخضع للإنتداب البريطاني لتقوم بتسليمهم من وصفتهم بالمتآمرين ومنهم الوزير أحمد مريود ، ولكن الإمارة الأردنية لم لم ترضخ لضغوطات الإنجليز ، وبرَّرت الإمارة الأردنية رفض تسليم الوزير أحمد مريود ورفاقه أن ما قاموا به يعتبر جُرماً سياسياً مشروعاً ولا يحقُّ لأية حكومة أن تطلب مرتكبيه من الحكومة الأردنية ، ولكن ضغوط الفرنسيين والإنجليز آتت أكلها أخيرا فاضطرَّ مريود والعديد من رفاقه إلى مغادرة شرقي الأردن إلى الحجاز تحت ضغط حكومة علي رضا الركابي الذي استماله الإنجليز وأغروه بالإنشقاق عن حزب الإستقلال العربي وتأليف حزب مهادن للإنجليز ، ويذكر الوزير السابق الشيخ إبراهيم القطـَّـان في كتابه ( المذكرات والرحلات للشيخ إبراهيم القطـَّـان ) أن الوزير أحمد مريود بعد أن اضطرته حكومة الركابي إلى مغادرة شرقي الأردن ذهب إلى الحجاز ومنها إلى العراق ، ولما نشبت الثورة السورية أجتاز العراق سيراً عبر بادية العراق ووصل إلى جبل العرب (جبل الدروز) في أواسط نيسان من عام 1926م واتفق مع قادة الثورة السورية الشيخ سلطان باشا الأطرش والدكتور عبد الرحمن الشهبندر على نقل الثورة إلى كل المناطق السورية فسار مع عدد من المجاهدين إلى غوطة دمشق وبدأ حرب عصابات مع الفرنسيين المستعمرين فقام المحتلون الفرنسيون بمهاجمة مواقع الثوار في كل قرى الغوطة فانسحب مريود ورفاقه الثوار إلى الجولان فهاجم الفرنسيون قرية جباتا الخشب في 30 أيار1926 م ونشبت معركة عنيفة واستبسل مريود في القتال حتى ارتقى شهيدا بإذن الله ، ولما انسحب المحتلون الفرنسيون أخذوا معهم جثمان أحمد مريود ومجموعة من رفاقه الشهداء بإذن الله إلى دمشق ليعرضوا جثثهم في ساحة المرجة (ساحة الشهداء) ، وتركت الجثث تحت أشعة الشمس ، فلما خشي سكان دمشق أن يصيب الجثث التعفن هرع أهالي دمشق وجمعوا الزهور ونثروها على جثث الشهداء ، ووعندما تقرَّر نقل الجثث إلى المدافن رفض أهالي دمشق وقادة الأحياء الشعبية نقل جثمان الشهيد بإذن الله أحمد مريود إلى قريته جباتا الخشب وأصرُّوا على دفنه في احتفال ديني وطني شعبي في مقبرة ( قبر عاتكة ) إحدى المقابر الدمشقية العريقة ، وأُقيم له ولرفاقه مأتم شعبي كبير