ينقسم الناس من حيث وجوب القضاء وعدمه إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول :
من يجب عليهم القضاء بالإجماع ، وهم : 1 - النائم . 2- الناسي . 3- السكران .
أما النائم والناسي :
فقد حكى الإجماع عليهما ابن حزم في (المحلى) [2/10] وابن القيم حكى الاتفاق في كتابه (الصلاة) [ص 51] ، ومن أدلة السنة عليه : حديث أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله : (إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها ، فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله يقول : [ وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ]) [2] .
وأما السكران :
فقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على وجوب القضاء عليه ، كابن المنذر في كتابه (الإجماع) [ص 10] ، وقال ابن حزم في المحلى [3] : (وأما من سكر حتى خرج وقت الصلاة ، أو نام عنها حتى خرج وقتها ، ففرض على هؤلاء خاصّة أن يصلوها أبدًاً .. وهذا كله إجماع متيقن) ، وقال ابن قدامة [4] : (لا نعلم فيه خلافاً) .
القسم الثاني :
من لا يجب عليهم القضاء بالإجماع ، وهم :
1 - الحائض والنفساء . 2- الكافر الأصلي
. أما الحائض والنفساء :
فقد حكى الإجماع على عدم وجوب القضاء عليها جمع من أهل العلم ، منهم ابن المنذر في كتابه (الإجماع) [ص 9] ، وابن حزم في (المحلى) [2/8] ، والنووي في (المجموع) [1/383] ، ومن أدلة السنة : حديث معاذة (رحمها الله) قالت : سألت عائشة (رضي الله عنها) فقلت : ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحروريّة [5] أنت ؟ قلت : لست بحروريّة ، ولكني أسأل ، فقالت : كان يصيبنا ذلك ، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) [6] .
أما الكافر الأصلي :
فقد حكي الإجماع على أنه إذا أسلم لم يجب عليه قضاء الصلاة [7] ، ومن أدلة الكتاب : قوله (تعالى) : [ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ][الأنفال : 38] ، ومن السنة : قوله : (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ؟ ) [8] .
القسم الثالث :
من هم محل خلاف بين العلماء ، وهم :
1- المجنون : والخلاف فيه ضعيف ، والراجح أن المجنون لا يقضي ما تركه زمن الجنون ، وهو قول جماهير الأمّة [9] ، والأدلة في ذلك كثيرة ، ومنها : حديث عائشة (رضي الله عنها) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، قال : (رفع القلم عن ثلاث : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل) [10] .
2- المرتد :
والراجح أنه لا يقضي ما تركه زمن الردّة ، وهو قول الجمهور ، والأدلة عليه كثيرة ، منها :
أ - القياس على الكافر الأصلي ، فكما أن الكافر الأصلي لا يجب عليه القضاء بالإجماع ، فكذا المرتد بجامع الكفر .
ب - أن الذين ارتدوا زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- كعبد الله بن سعد بن أبي السرح ، وغيره مكثوا على الردة زمناً ثم أسلموا ، ولم يأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقضاء ، وكذا : من أسلم من المرتدين في زمن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) لم يؤمروا بقضاء ما تركوه زمن الرِّدة ، ولو أمروا لنقل إلينا [11] .
ج - ولأن في إبجاب القضاء عليه تنفيراً له من التوبة مع طول زمن الردّة ، بل تكون التوبة في حقه عذاباً إذا ألزمناه بالقضاء . 3- المغمى عليه : وقد اختلف أهل العلم فيه على ثلاثة أقوال ، الراجح منها : أن المغمى عليه لا يقضي ما تركه زمن الإغماء ؛ طال الإغماء أو قصر ، وهو مذهب المالكيّة [12] ، والشافعيّة [13] ، وقول طاووس ، والحسن البصري ، وابن سيرين ، والزهري ، وأبي ثور [14] ، وابن حزم [15] .
والدليل : أن المغمى عليه فاقد لمناط التكليف وهو العقل فأشبه المجنون ، ويعضد هذا التعليل أثر ابن عمر (رضي الله عنهما) : (أنه أغمى عليه فذهب عقله ، فلم يقض الصلاة) [16] .
واستدل القائلون بمشروعية القضاء بأثرين :
الأول : عن يزيد مولى عمار : (أن عمار بن ياسر (رضي الله عنه) أغمى عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، فأفاق نصف الليل ، فصلّى الظهر والعصر ، والمغرب ، والعشاء) . الثاني : عن أبي مجلز قال : قيل لعمران بن حصين : إن سمرة بن جندب يقول في المغمى عليه : يقضي مع كل صلاة مثلها ، فقآل عمران : ليس كما يقول ، يقضيهن جميعاً) .
وأثر عمار ضعيف ؛ فقد أخرجه عبد الرزاق [ح/4156] ، والدارقطني : [2/ 81] ، والبيهقي [1/388] ، كلهم من طريق السدي عن يزيد مولى عمّار ، ويزيد مجهول (انظر نصب الراية ، 2/177) ، والسدي قال عنه ابن حجر : (صدوق يَهِم ، ورُمي بالتشيّع) [التقريب ، ص 108] ، وقال الشافعي : (هذا ليس بثابت عن عمّار) [نصب الراية ، 2/177] ، وقال ابن التركماني : (وسنده ضعيف) [الجوهر النقي ، 1/388] .
وأثر عمران ضعيف أيضاً ؛ فقد أخرجه ابن أبي شيبة [2/269] بإسناد رجاله ثقات ، إلا إن أبا مجلز لم يلق سمرة ولا عمران ، كما صرح بذلك ابن المديني [انظر تهذيب الكمال ، 31/178] ، فالإسناد ضعيف بهذا الانقطاع .
وبضعف الأثرين يكون أثر ابن عمر (رضي الله عنهما) سالماً من المعارض .
4- من زال عقله بدواء ، كالبنج [17] قديماً ، والآن يستعمل المخدِّر لإجراء العمليات الجراحيّة في المستشفيات .
والراجح فيه :
وجوب القضاء عليه ، وهو مذهب الحنفيّة [18] ، والحنابلة [19] قياساً على النوم بجامع زوال الإدراك تماماً ، وعدم امتداده ، وعدم ثبوت الولاية فيهما [20] . أما إلحاقه بالمغمى عليه فبعيد ؛ لأن الإغماء آفة ليس للعبد فيها أي قصد ، بخلاف زوال العقل بالدواء ، فإنه يكون بقصد من العبد ، وغالباً ما يعلم المريض بأنه سيخدّر تخديراً تاماً ، ولو تركه لما زال عقله . 5- تارك الصلاة عمداً ؛ أي : من ترك الصلاة عمداً بلا عذر حتى خرج وقتها ، سواء أكانت صلاة واحدة ، أو فروضاً كثيرة . والخلاف في هذه المسألة قوي جدّاً ، وجماهير العلماء على وجوب القضاء .
والقول الآخر : بعدم وجوب القضاء ، وهو قول الحسن البصري [21] ، وابن حزم [22] ، واختيار ابن تيمية [23] (رحمهم الله) ، واختاره من العلماء المعاصرين : الشيخ (ابن باز) ، والشيخ (ابن عثيمين) [24] (حفظمها الله) .
ولعل القول الثاني هو الأقرب إلى الرجحان ،
وهو : أن الصلاة لا تقضى ولو كانت فريضة واحدة لجملة من الأدلة ، منها : 1- حديث عائشة (رضي الله عنها) : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) [25] . 2- أن القضاء لا يجب إلا بأمر جديد ، ولم يرد أمر جديد بقضاء الصلاة لمن تركها عمداً [26] ، وإنما ورد في حق النائم والناسي . 3- أن تارك الصلاة قد يكون مرتدّاً ، والمرتد لايشرع في حقه القضاء كما سبق . والله (تعالى) أعلم ، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد.
____________ _________ ___
(1) انظر : رسالة (حكم تارك الصلاة ، والرد على المخالفين) ، لفضيلة الشيخ (حفظه الله) . (2) أخرجه مسلم ، ح/684 . (3) المحلى ، لابن حزم ، ج2 ، ص9 ، 10 . (4) المغني ، لابن قدامة ، ج2 ، ص 52 . (5) نسبة إلى حروراء ، وهي بلدة على ميلين من الكوفة ، ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج : حروري ؛ لأن أول اجتماع لهم للخروج على علي (رضي الله عنه) كان بالبلدة المذكورة ، فاشتهروا بالنسبة إليها ، (انظر الفتح ، 1/502) . (6) أخرجه البخاري ، ح/321 ، ومسلم ، واللفظ له ، ح/335 . (7) ابن قدامة في المغني ، 2/48 ، وغيره . (8) أخرجه مسلم ، ح/192 . (9) انظر : المغني ، 2/50 . (10) أخرجه أصحاب السنن ، وصححه الألباني ، كما في (الإرواء) ، 2/4 . (11) انظر : مجموع الفتاوى ، 22/103 . (12) انظر : التاج والإكليل ، 1/410 . (13) انظر : المجموع ، 3/8 . (14) انظر : الأوسط ، 4/491 . (15) انظر : المحلى ، 2/8 . (16) أخرجه مالك ، ح/24 ، وعبد الرزاق ، ح/4152 ، بإسناد صحيح ، وممن صرح بتصحيحه : ابن المنذر في الأوسط ، 4/390 ، وابن حزم في المحلى ، 2/9 . (17) البنج : نبات مغيّب للعقل ، مسكن للأوجاع ، وهو غير الحشيشة ، فإنها مسكنة ، ولها لذّة عند تناولها بخلاف البنج ، انظر : مجموع الفتاوى ، 34/198 . (18) انظر : البحر الرائق ، 2/118 . (19) انظر : الإنصاف ، 1/390 . (20) انظر : الكافي : لابن قدامة ، 1/94 . (21) انظر : تعظيم قدر الصلاة ، 2/996 . (22) انظر : المحلى ، 2/10 . (23) انظر : مجموع الفتاوى ، 22/40 41 . (24) الشرح الممتع ، 2/135 . (25) أخرجه مسلم ، ح/1718 . (26) انظر : المسوّدة ، ص 24 .
منقول للعلم والفائده
(اللهم اغفر لنا ولوالدينا وعلمائنا ومشايخنا ومن له حق علينا ومن اوصانا بالدعاء يارب العالمين)
القسم الأول :
من يجب عليهم القضاء بالإجماع ، وهم : 1 - النائم . 2- الناسي . 3- السكران .
أما النائم والناسي :
فقد حكى الإجماع عليهما ابن حزم في (المحلى) [2/10] وابن القيم حكى الاتفاق في كتابه (الصلاة) [ص 51] ، ومن أدلة السنة عليه : حديث أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله : (إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها ، فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله يقول : [ وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ]) [2] .
وأما السكران :
فقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على وجوب القضاء عليه ، كابن المنذر في كتابه (الإجماع) [ص 10] ، وقال ابن حزم في المحلى [3] : (وأما من سكر حتى خرج وقت الصلاة ، أو نام عنها حتى خرج وقتها ، ففرض على هؤلاء خاصّة أن يصلوها أبدًاً .. وهذا كله إجماع متيقن) ، وقال ابن قدامة [4] : (لا نعلم فيه خلافاً) .
القسم الثاني :
من لا يجب عليهم القضاء بالإجماع ، وهم :
1 - الحائض والنفساء . 2- الكافر الأصلي
. أما الحائض والنفساء :
فقد حكى الإجماع على عدم وجوب القضاء عليها جمع من أهل العلم ، منهم ابن المنذر في كتابه (الإجماع) [ص 9] ، وابن حزم في (المحلى) [2/8] ، والنووي في (المجموع) [1/383] ، ومن أدلة السنة : حديث معاذة (رحمها الله) قالت : سألت عائشة (رضي الله عنها) فقلت : ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحروريّة [5] أنت ؟ قلت : لست بحروريّة ، ولكني أسأل ، فقالت : كان يصيبنا ذلك ، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) [6] .
أما الكافر الأصلي :
فقد حكي الإجماع على أنه إذا أسلم لم يجب عليه قضاء الصلاة [7] ، ومن أدلة الكتاب : قوله (تعالى) : [ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ][الأنفال : 38] ، ومن السنة : قوله : (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ؟ ) [8] .
القسم الثالث :
من هم محل خلاف بين العلماء ، وهم :
1- المجنون : والخلاف فيه ضعيف ، والراجح أن المجنون لا يقضي ما تركه زمن الجنون ، وهو قول جماهير الأمّة [9] ، والأدلة في ذلك كثيرة ، ومنها : حديث عائشة (رضي الله عنها) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، قال : (رفع القلم عن ثلاث : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل) [10] .
2- المرتد :
والراجح أنه لا يقضي ما تركه زمن الردّة ، وهو قول الجمهور ، والأدلة عليه كثيرة ، منها :
أ - القياس على الكافر الأصلي ، فكما أن الكافر الأصلي لا يجب عليه القضاء بالإجماع ، فكذا المرتد بجامع الكفر .
ب - أن الذين ارتدوا زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- كعبد الله بن سعد بن أبي السرح ، وغيره مكثوا على الردة زمناً ثم أسلموا ، ولم يأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقضاء ، وكذا : من أسلم من المرتدين في زمن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) لم يؤمروا بقضاء ما تركوه زمن الرِّدة ، ولو أمروا لنقل إلينا [11] .
ج - ولأن في إبجاب القضاء عليه تنفيراً له من التوبة مع طول زمن الردّة ، بل تكون التوبة في حقه عذاباً إذا ألزمناه بالقضاء . 3- المغمى عليه : وقد اختلف أهل العلم فيه على ثلاثة أقوال ، الراجح منها : أن المغمى عليه لا يقضي ما تركه زمن الإغماء ؛ طال الإغماء أو قصر ، وهو مذهب المالكيّة [12] ، والشافعيّة [13] ، وقول طاووس ، والحسن البصري ، وابن سيرين ، والزهري ، وأبي ثور [14] ، وابن حزم [15] .
والدليل : أن المغمى عليه فاقد لمناط التكليف وهو العقل فأشبه المجنون ، ويعضد هذا التعليل أثر ابن عمر (رضي الله عنهما) : (أنه أغمى عليه فذهب عقله ، فلم يقض الصلاة) [16] .
واستدل القائلون بمشروعية القضاء بأثرين :
الأول : عن يزيد مولى عمار : (أن عمار بن ياسر (رضي الله عنه) أغمى عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، فأفاق نصف الليل ، فصلّى الظهر والعصر ، والمغرب ، والعشاء) . الثاني : عن أبي مجلز قال : قيل لعمران بن حصين : إن سمرة بن جندب يقول في المغمى عليه : يقضي مع كل صلاة مثلها ، فقآل عمران : ليس كما يقول ، يقضيهن جميعاً) .
وأثر عمار ضعيف ؛ فقد أخرجه عبد الرزاق [ح/4156] ، والدارقطني : [2/ 81] ، والبيهقي [1/388] ، كلهم من طريق السدي عن يزيد مولى عمّار ، ويزيد مجهول (انظر نصب الراية ، 2/177) ، والسدي قال عنه ابن حجر : (صدوق يَهِم ، ورُمي بالتشيّع) [التقريب ، ص 108] ، وقال الشافعي : (هذا ليس بثابت عن عمّار) [نصب الراية ، 2/177] ، وقال ابن التركماني : (وسنده ضعيف) [الجوهر النقي ، 1/388] .
وأثر عمران ضعيف أيضاً ؛ فقد أخرجه ابن أبي شيبة [2/269] بإسناد رجاله ثقات ، إلا إن أبا مجلز لم يلق سمرة ولا عمران ، كما صرح بذلك ابن المديني [انظر تهذيب الكمال ، 31/178] ، فالإسناد ضعيف بهذا الانقطاع .
وبضعف الأثرين يكون أثر ابن عمر (رضي الله عنهما) سالماً من المعارض .
4- من زال عقله بدواء ، كالبنج [17] قديماً ، والآن يستعمل المخدِّر لإجراء العمليات الجراحيّة في المستشفيات .
والراجح فيه :
وجوب القضاء عليه ، وهو مذهب الحنفيّة [18] ، والحنابلة [19] قياساً على النوم بجامع زوال الإدراك تماماً ، وعدم امتداده ، وعدم ثبوت الولاية فيهما [20] . أما إلحاقه بالمغمى عليه فبعيد ؛ لأن الإغماء آفة ليس للعبد فيها أي قصد ، بخلاف زوال العقل بالدواء ، فإنه يكون بقصد من العبد ، وغالباً ما يعلم المريض بأنه سيخدّر تخديراً تاماً ، ولو تركه لما زال عقله . 5- تارك الصلاة عمداً ؛ أي : من ترك الصلاة عمداً بلا عذر حتى خرج وقتها ، سواء أكانت صلاة واحدة ، أو فروضاً كثيرة . والخلاف في هذه المسألة قوي جدّاً ، وجماهير العلماء على وجوب القضاء .
والقول الآخر : بعدم وجوب القضاء ، وهو قول الحسن البصري [21] ، وابن حزم [22] ، واختيار ابن تيمية [23] (رحمهم الله) ، واختاره من العلماء المعاصرين : الشيخ (ابن باز) ، والشيخ (ابن عثيمين) [24] (حفظمها الله) .
ولعل القول الثاني هو الأقرب إلى الرجحان ،
وهو : أن الصلاة لا تقضى ولو كانت فريضة واحدة لجملة من الأدلة ، منها : 1- حديث عائشة (رضي الله عنها) : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) [25] . 2- أن القضاء لا يجب إلا بأمر جديد ، ولم يرد أمر جديد بقضاء الصلاة لمن تركها عمداً [26] ، وإنما ورد في حق النائم والناسي . 3- أن تارك الصلاة قد يكون مرتدّاً ، والمرتد لايشرع في حقه القضاء كما سبق . والله (تعالى) أعلم ، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد.
____________ _________ ___
(1) انظر : رسالة (حكم تارك الصلاة ، والرد على المخالفين) ، لفضيلة الشيخ (حفظه الله) . (2) أخرجه مسلم ، ح/684 . (3) المحلى ، لابن حزم ، ج2 ، ص9 ، 10 . (4) المغني ، لابن قدامة ، ج2 ، ص 52 . (5) نسبة إلى حروراء ، وهي بلدة على ميلين من الكوفة ، ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج : حروري ؛ لأن أول اجتماع لهم للخروج على علي (رضي الله عنه) كان بالبلدة المذكورة ، فاشتهروا بالنسبة إليها ، (انظر الفتح ، 1/502) . (6) أخرجه البخاري ، ح/321 ، ومسلم ، واللفظ له ، ح/335 . (7) ابن قدامة في المغني ، 2/48 ، وغيره . (8) أخرجه مسلم ، ح/192 . (9) انظر : المغني ، 2/50 . (10) أخرجه أصحاب السنن ، وصححه الألباني ، كما في (الإرواء) ، 2/4 . (11) انظر : مجموع الفتاوى ، 22/103 . (12) انظر : التاج والإكليل ، 1/410 . (13) انظر : المجموع ، 3/8 . (14) انظر : الأوسط ، 4/491 . (15) انظر : المحلى ، 2/8 . (16) أخرجه مالك ، ح/24 ، وعبد الرزاق ، ح/4152 ، بإسناد صحيح ، وممن صرح بتصحيحه : ابن المنذر في الأوسط ، 4/390 ، وابن حزم في المحلى ، 2/9 . (17) البنج : نبات مغيّب للعقل ، مسكن للأوجاع ، وهو غير الحشيشة ، فإنها مسكنة ، ولها لذّة عند تناولها بخلاف البنج ، انظر : مجموع الفتاوى ، 34/198 . (18) انظر : البحر الرائق ، 2/118 . (19) انظر : الإنصاف ، 1/390 . (20) انظر : الكافي : لابن قدامة ، 1/94 . (21) انظر : تعظيم قدر الصلاة ، 2/996 . (22) انظر : المحلى ، 2/10 . (23) انظر : مجموع الفتاوى ، 22/40 41 . (24) الشرح الممتع ، 2/135 . (25) أخرجه مسلم ، ح/1718 . (26) انظر : المسوّدة ، ص 24 .
منقول للعلم والفائده
(اللهم اغفر لنا ولوالدينا وعلمائنا ومشايخنا ومن له حق علينا ومن اوصانا بالدعاء يارب العالمين)