بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الصلاة السلام على رسول الله وآله

قال الشيخ الإمام العلامة الخطابي في كتابه شعار الدين ونصه:
((القول في أن الله تعالى مستو على العرش:هذه المسألة سبيلها التوقيف المحض ولا يصل إليها الدليل من غير هذا الوجه [الاستواء صفة خبرية بخلاف العلو الذي هو صفة عقلية فطرية أيضا]وقد نطق به الكتاب في غير آية ووردت به الأخبار الصحيحة فقبوله من جهة التوقيف واجب والبحث عنه وطلب الكيفية غير جائز وقد قال مالك الاستواء معلوم والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة فمن التوقيف الذي جاء به الكتاب قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) وقال (ثم استوى على العرش الرحمن )
وقال ( رفيع الدرجات ذو العرش )
وقال ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا )
وقال ( تعرج الملائكة والروح إليه )
وقال ( بل رفعه الله إليه )
وقال ( إليه يصعد الكلم الطيب )
وقال حكاية عن فرعون أنه قال ( يا هامان ابن لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى ) فوقع قصد الكافر إلى الجهة التي أخبره موسى عنها ولذلك لم يطلبه في طول الأرض ولا عرضها ولم ينزل إلى طبقات الأرض السفلي فدل ما تلوناه من هذه الآي على أن الله سبحانه في السماء مستو على العرش ولو كان بكل مكان لم يكن لهذا التخصيص معنى ولا فيه فائدة وقد جرت عادة المسلمين خاصتهم وعامتهم بأن يدعوا ربهم عند الابتهال والرغبة إليه ويرفعوا أيديهم إلى السماء وذلك لاستفاضة العلم عندهم بأن ربهم المدعو في السماء سبحانه ، و زعم بعضهم أن معنى الاستواء هاهنا الاستيلاء ، ونزع فيه ببيت مجهول لم يقله من يصح الاحتجاج بقوله إلخ كلامه ، ينظر تهذيب مختصر سنن أبي داود لابن القيم7/109-109 ومختصر الصواعق له 2/318
ونص على هذا الإمام النووي فقد قال في ترجمة الخطابي من تهذيبه على طبقات الفقهاء الشافعية 1/469-470 : ((وله تصانيف في فنون جميلة بديعة منها كتابه الموسوم بـ"شعار الدين" في أصول الدين التزم فيه إيراد أوضح ما يعرفه من الدلائل من غير أ ن يجرد طريقة المتكلمين...إلى أ ن قال..وصرح بأنه سبحانه في السماء وقال: زعم بعضهم أن معنى الاستواء هاهنا الاستيلاء ، ونزع فيه ببيت مجهول لم يقله من يصح الاحتجاج بقوله.)) انتهى المقصود وقد استفدت الإحالة من الشيخ مشهور آل سلمان في أحد أشرطته في عقيدة النووي بارك الله في عمره ثم رجعت ونقلت النص بنفسي من الكتاب.
وقول الإمام القدوة، شيخ الاسلام أبو الفرج المقدسي المتوفى سنة 486 هـ في كتابه امتحان السني من البدعي ص215-216:
((يسأل عن الفوقية فإن قال به ، فهو سني ، وإن أنكره[يعني بالتأويل الإجمالي أو التفصيلي] فهو أشعري ملعون ، دليلنا:
قوله تعالى : ((يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))
وقوله: (( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ))
وقوله : ((يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ))
وقوله : ((ِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ)) )) انتهى وينظر تعليق المحقق على قوله (ملعون).
وقول الإمام أبو الخطاب الكلوذاني الحنبلي(ت:510 هـ) في منظومته المشهورة-من رواية ابن الجوزي-:
قالوا فهل هو في الأماكن كلها ** فأجبت بل هو في العلو مذهب أحمد
قَالوا : أَبان الكلوذانِيَّ الهُدى=قلتُ : الَّذِي فوقَ السماءِ مُؤيِّدي
ينظر تمام المنة بشرح اعتقد أهل السنة ص58
وقول الإمام العمراني شيخ الشافعية في اليمن(ت:558) ينظر الإنتصار 2/607-625 وقد نقل بعض شبهات الغزالي في تأويل العلو ونسفها وذكره بكلام شيوخهم القدماء كالباقلاني في التمهيد والوقت يضيق عن نقل كلامه ، وليس هو ما أشار له ابن القيم في اجتماع الجيوش ينظر مقدمة الإنتصار1/27.
وقول الإمام العلامة الحافظ تقي الدين عبد الغني المقدسي(ت:600) في عقيدته المطبوعة باسم (الاقتصاد في الاعتقاد) ص80-95 : ((فمن صفات الله التي وصف بها نفسه ونطق بها كتابه وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أنه مستو على العرش كما أخبر عن نفسه فقال...وسرد الآيات والأحاديث في ذلك ثم ذكر حديث الجارية ثم قال..
ومن أجهل جهلاً وأسخف عقلاً وأضل سبيلاً ممن يقول إنه لا يجوز أن يقال أين الله، بعد تصريح صاحب الشريعة بقول أين الله؟؟ ،
ثم سرد أحدايث وآثار سلفية أخرى ثم قال..
وفي هذه المسألة أدلة من الكتاب و السنة يطول بذكرها الكتاب ، ومنكر أن يكون الله في جهة العلو بعد هذه الآيات والأحاديث مخالف لكتاب الله منكر لسنة رسول الله..ثم نقل عن ابن المبارك والشافعي ومالك إثبات العلو)).انتهى
الإمام النسائي صاحب السنن المتوفى عام 303 هـ
له كتاب قيم وهو " كتاب النعوت والأسماء والصفات " أورد فيه الأدلة على أسماء الله وصفاته .
في ص 373 أورد الأدلة على إثبات العلو لله عز وجل ، كحديث أم المؤمنين زينب رضي الله عنها ، وحديث جارية عمر بن الحكم ، وحديث أبي هريرة : " لما قضى الله الخلق ... " ، وحديثه أيضا : " ما من مسلم يتصدق بصدقة ..." وغيرها .
وفيه من الأبواب :
إثبات صفة الكلام لله عز وجل
إثبات صفة اليدين لله عز وجل
إثبات صفة الفرح ، الحب والكراهية ، الحب والبغض ، الرضا والسخط ، الرحمة والغضب ....
إثبات الرؤية
إثبات العين
صفة الضحك
صفة النزول
وغيرها من الأسماء الحسنى والصفات العلى .


الإمام أبو عمرو الداني المتوفى عام 440 هـ
له رسالة أخرى قيمة وهي " الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات وأصول الديانات "
قال في ص 52 : " فصل في استواء الله على عرشه ... ومن قولهم : أنه سبحانه فوق سماواته مستو على عرشه ..." .
وقال في ص 57 :" فصل في نزوله سبحانه إلى السماء الدنيا " .
وقال في ص 59 : " فصل في العرش ، ومن قولهم : أن الله سبحانه خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق ثم استوى عليه كيف شاء ..." .
وقال في ص 69 - 70 : " فصل في مسألة الكلام ، ومن قولهم : إن كلام الله صفة لذاته لم يزل ولا يزال موصوفا به ... " وقال : " فصل القرآن كلام الله غير مخلوق ..." .
إلى غير ذلك من الأبواب القيمة .


الإمام أبو الفضل المقرئ المتوفى عام 454 هـ
نقل في كتابه القيم " أحاديث في ذم الكلام وأهله " ص 82 قول الإمام مالك : " إياكم والبدع " فقيل : يا أبا عبدالله وما البدع ؟ قال: " أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته ، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان "


الإمام أبو علي الحسن بن أحمد المشهور بابن البنا الحنبلي البغدادي المتوفى عام 471 هـ
أورد في كتابه القيم " المختار في أصول السنة " عن أئمة أهل السنة مذهبهم في الصفات ، والأدلة على ذلك ، ورد فيه أيضا على شبه أهل البدع واعتراضاتهم .
نقل في ص 79 : " عن الإمام الآجري قوله : في كتاب الله تعالى آيات تدل على أن الله تعالى في السماء على عرشه وعلمه محيط بجميع خلقه ..." .
وفي ص 51 قال : " باب ذكر الإيمان بأن القرآن كلام الله وأن كلام الله ليس بمخلوق ، ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر " . إلى غير ذلك من الأبواب والردود القيمة على أهل البدع .


الإمام أبو المظفر السمعاني المتوفى عام 489 هـ
له تفسير قيم لكتاب الله تعالى مشى فيه على طريقة السلف أهل الحديث والأثر .
قال رحمه الله في تفسير الاية 55 من سورة الأعراف : " أول المعتزلة الاستواء بالاستيلاء وأنشدوا فيه :
قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق
وأما أهل السنة فيتبرؤن من هذا التأويل ويقولون : إن الاستواء على العرش صفة لله تعالى بلا كيف والإيمان به واجب ، كذلك يحكى عن مالك بن أنس ، وغيره من السلف أنهم قالوا في هذه الآية : الإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة " . 2 / 188
وقال رحمه الله : " وأما تأويل الاستواء بالاستيلاء فهو تأويل المعتزلة ، وذكر الزجاج والنحاس وجماعة من النحاة من أهل السنة : أنه لا يُسمى الاستواء بالاستيلاء في اللغة إلا إذا غلب غيره عليه وهذا لا يجوز على الله تعالى : . 3 / 320


الإمام الحافظ الجهبذ أبو أحمد الحاكم شيخ أبو عبد الله الحاكم صاحب المستدرك له كتاب "شعار أصحاب أصحاب الحديث" ذكر فيه ما يتميز به أهل الحديث عن غيرهم في العقيدة وفي شدة التمسك بالسنة والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم فأورد عدة أبواب تدل على هذا منها باب "ذكر الدليل على أن الإيمان يزيد وينقص" وباب "ذكر الدليل على أن القرآن كلام الله غير مخلوق" وأورد أبواباً في الفقهيات كذلك.

والشاهد أنه أورد باباً ذكر فيه -محتجاًُ -عقيدة الإمام قتيبة بن سعيد التي أولها: هذا قول الأئمة المأخوذ في الإسلام والسنة ...وذكر قوله..ويعرف الله في السماء السابعة على عرشه كما قال: ((الرحمن على العرش استوى)).

ومنهم تلميذه الإمام أبو عبد الله الحاكم صاحب المستدرك فقد استحسن كلام إمام الأئمة في إثبات العلو

الإمام الحافظ محدث الإسلام أبو عبد الله ابن مندة المتوفى سنة 395 هـ فقد ذكر مسألة العلو وكررها في كتابه المفيد التوحيد فقال على سبيل المثال:

((ذكر الآي المتلوة والأخبار المأثورة في ان الله عز وجل فوق خلقه بائناً عنهم..))
((بيان آخر يدل على أن العرش فوق السموات وأن الله تعالى فوق الخلق بائناً عنهم))..
((بيان آخر يدل على أن الله تعالى فوق عرشه بائناً عن خلقه))
((بيان آخر يدل على ما تقدم وأن الإقرار بأن الله عز وجل في السماء من الإيمان)) وذكر حديث الجارية ينظر التوحيد 3/185 و187 و190 و274 و268 و288.
قول الإمام المفسر الفقيه عز الدين ابي محمد عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي - ت 661 هـ -

قال رحمه الله في قصيدته في السنة :
و قل ان ربي في السماء قد استوى === على العرش و اقطع كل وهمٍ وزائل
و أطلق جواز الأين فالنص ثابتٌ ==== صحيح صريحٌ ظاهرٌ غير خامل

من قصيدته في ذم الدنيا و مدح السنة بتعليق عمار تمالت
و للإمام الرسعني رحمه الله تفسير ضخم اسمه " رموز الكنوز " أبان فيه عن منهج السلف في الصفات فرحمه الله تعالى و رضي عنه
قول الإمام العلامة الفقيه المفسر شرف الإسلام شيخ الحنابلة بالشام أبي القاسم عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمد الشيرازي الشهير بابن الحنبلي – ت 536 هـ - له رسالة مجيدة في الرد على الأشعرية سماها " الرسالة الواضحة في الرد على الأشاعرة "
قال رحمه الله :
( و كل ما وصف الله به نفسه في كتابه و جميع أسمائه و صفاته حق الإيمان به واجبٌ , و الكلام فيه بدعة مثل قوله " و السموات مطويات بيمينه " و قوله " بل يداه مبسوطتان " و قوله " الرحمن على العرش استوى " و قوله " و جاء ربك و الملك صفا صفا " و ما أشبه ذلك ففي القرآن مثل ذلك كثير) ص 497 من الرسالة الواضحة