بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله
.
التّصوّفوالصّوفيّة
ولما وجدالأحباش كثرة النكير على الصوفية هجموا بدورهم على الصوفية الدجاجلة وفرّقوا بينهاوبين الصوفية الصادقة وهذه حيلة (شرعية) – أو قل شيطانية – يراد بها التخلص منالإنكار على التصوف ليعودوا بالناس إلى التصوف مرة أخرى تحت عنوان « تصفية التصوف » مما علق به من خرافة وهي خدعة يراد بها تلميع التصوف وتحسينه وكفى بالتاريخ شاهدًاعلى ما كان لدور التصوف من تخلف وبدع وشركيات شابه بها الصوفية اليهود والنصارى منتقديس القبور واتخاذها مساجد والقول بوحدة الوجود والفناء الصوفي الهندي القديم.
وقد اعترفالزبيدي بمقام وحدة الوجود عند الصوفية فقال معلقًا على كلام للغزالي: « وفيه تلويحإلى مقام وحدة الوجود عند الصوفية » ة المتقين 9/498
التصوف كلمةواحدة تنضوي تحتها مئات الفرق والأحزاب: كل حزب بما لديهم فرحون، ليس التصوف فرقةواحدة. وهذا من أعظم أسباب تفرق المسلمين، وما عندهم من شرك أعظم تفريقًا للمسلمين. وقد بين الله في كتابه أن الشرك مسبب للفرقة فقال: ( وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ).
والتوحيد هوأعظم أسباب الوحدة (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).
موقف ابنالجوزي من التصوف والصوفية قال ابن الجوزي [اخترت لهم ابنَ الجوزي لأنه معتبر عندهم يلقبونه (منزّه الحنابلة)] « قد لبّس إبليس على قوم من المتأخرين فوضعوا حكايات فيكرامات الأولياء ليشيدوا بزعمهم أمر القوم: والحق لا يحتاج إلى تشييد بباطل، فكشفالله تعالى أمرهم بعلماء النقل » (تلبيس إبليس 384).
قال: « فالتصوف مذهب معروف يزيد على الزهد ويدل على الفرق بينهما أن الزهد لم يذمه أحد وقدذموا التصوف » (تلبيس 165). وسموا علمهم علم الباطن، وعلم الشريعة: العلم الظاهر » (تلبيس 164).
وأفضل كلمةعن التصوف ما رواه ابن الجوزي عن رويم « لا تشتغل بترّهات الصوفي » (تلبيس 189مكتوبات السرهني 222 و 296).
يقول ابنالجوزي: « وكأن هؤلاء القوم ابتكروا شريعة سموها بالتصوف وتركوا شريعة نبيهم محمدصلى الله عليه وسلم نعوذ بالله من تلبيس إبليس » (تلبيس إبليس 310). واعتبر أنالبدع دخلت من الرهبنة حيث أخذ المتزهدون الصوفية عن الرهبان طريق التقشف. وكان ابنالجوزي يصفهم بالحمقى ويدعو عليهم فيقول طهّر الله الأرض منهم وأعان العلماء علهمفإن أكثر الحمقى معهم 25 – 226
وهذا يؤيدقول الشافعي: « لو أن رجلاً تصوف أول النهار، لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق، وما لزمأحد الصوفية أريعين يومًا فعاد إليه عقله أبدًا » وروى عنه قوله: « أُسّسَ التصوّفُعلى الكسل » (تلبيس إبليس 320 و371). قال: « ولما قلّ علم الصوفية بالشرع فصدر منهممن الأفعال ما لا يحل.. وكان الصالح منهم نادرًا، ذمهم خلق من العلماء وعابوهم حتىعابهم مشايخنا » ثم روى عن وكيع حدثنا سفيان يقول سمعت عاصمًا يقول: « ما زلنا نعرفالصوفية بالحماق إلا أنهم يستترون بالحديث » (تلبيس إبليس 371 – 372).
ثم وصفهم ابنالجوزي بأنهم زنادقة وقال: « ولم تتجاسر الزنادقة أن ترفض الشريعة حتى جاءتالمتصوفة فجاءوا بوضع أهل الخلاعة » (تلبيس إبليس 374). وروى عن شيخه ابن عقيلقوله: « نصيحتي إلى إخواني أن لا يقرع أفكار قلوبهم كلام المتكلمين ولا تصغيمسامعهم إلى خرافات المتصوفين » (تلبيس إبليس 375).
وذكر أنوسوسة الشيطان بلغت بالصوفية حتى صار الواحد منهم يتخايل له وسوسة فيقول: « حدثنيقلبي عن ربي » وحتى صار أبو يزيد البسطامي يقول: « مساكين [أي أهل الحديث] أخذواعلمهم ميتًا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت » (تلبيس إبليس 321 – 322).
قال ابنالجوزي: « وجاء عبد الكريم بن هوازن القشيري وصنف لهم كتاب الرسالة فذكر فيهاالعجائب من الكلام في الفناء [أي في الله] والقبض والبسط والجمع والتفرقة والصحووالمحو والسُّكْر والشرب والمكاشفة واللوائح والطوالع واللوامع والتكوين والتمكينوالحقيقة والشريعة وغير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء » (تلبيس إبليس 165).
ويدعيالأحباش أن أبا بكر أو الصوفية. ولكن لم يتكرموا بإخبارنا على أي طريقة كان: أكانرفاعيًّا أم قادريًّا. (مجلة منار الهدى 16/20). ونترك الرد على ذلك من ابن الجوزيحيث قال: « وجاء أبو نعيم الأصفهاني فصنف لهم [للصوفية] كتاب الحلية وذكر في حدودالتصوف أشياء منكرة قبيحة لوم يستح أن يذكر في الصوفية أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّاوسادات الصحابة رضي الله عنهم » ذا يقول ابن الجوزي في مبتدعة عصرناكالغماري الذي كتب رسالة « حسن التلطف في وجوب سلوك طريق التصوف »؟ فأوجب علىالمسلمين ما لم يأذن به الله؟
ويزعمون أنالتصوف صفاء المعاملة (مجلة منار الهدى 16/20). وأي صفاء هذا؟ نحن لا نرى لهذاالصفاء في معاملة الأحباش أثرًا. فالناس لا يرون منهم إلا الجفاء والتطاول وشتمأعراض المسلمين وتكفيرهم. وزعم السبكي أن الصوفي من لزم الصدق مع الحق والخُلُق معالخَلْق [طبقات السبكي 10/295]. وهكذا يأتونك بصفات أمر بها الإسلام ويجعلونها ميزةالتصوف ولكن الإسلام أمر بها قبل أن يوجد التصوف ولم يجعلها تحت اسم التصوف.
ماذا التصوفسؤال نطرحه على كل منصف يريد الحق ويحذر الهوى والتحيز؟ إذا قيل إن التصوف لترقيقالقلوب وصفائها: ألم يكن في دين الإسلام ما يرقق القلب وهو الذي جاء قبل التصوف. ورقّت به قلوب الصحابة ومن بعدهم؟ أم أن في التصوف ميزة في ترقيق القلوب ووصلهابربها لا توجد في الإسلام؟ لا أعتقد مسلمًا عاقلاً يقول ذلك. وإذن؛ فلماذا الحرصعلى هذا التصوف إذا كان الإسلام يغني عنه لا سيما وأنه خليط من البدع ومخلفاتالمِلَل والديانات الفلسفية القديمة؟ لنكن صادقين مع أنفسنا ومع ربنا: هل فيالإسلام ما يغني عن التصوف أم لا؟ قد جاءنا العلم من ربنا: كتاب وسنة وهدي سلفصالح: فلماذا نختلف ونتفرق من بعد ما جاءنا العلم بغيًا بيننا؟ ونقع فيما وقع به منقبلنا كما حكى الله عنهم ( فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْالْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ).
فما هوالجديد الذي أتت به هذه الطرق؟ أهو شيء لم يأت به الإسلام؟ إن هذه الطرق لم تأتبجديد لم يفعله الرسول صلى اله عليه وسلم أو يدل عليه. بل إن ما تفعله وتشرعه للناسهو من أنواع البدع مخالف لصراط الله المستقيم كما قال: ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِيمُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنسَبِيلِهِ ) قال مجاهد: « السبل: البدع والشبهات »