آل وهبه ( القدس / السلط )
• جدُّ عائلة وهبه " حسين " ارتحل من القدس إلى نابلس بعد منتصف القرن التاسع عشر على أثر خلاف عائلي حول تقسيم أراضي العائلة ، ثمَّ ارتحل من نابلس إلى السلط .
• الإنجليز اتهموا أديب وهبه بالتعاطف مع ثورة سلطان باشا العدوان ، فنقلوه من مديرٍ للمعارف إلى مدير لمدرسة ، فاستقال
أديب وهبه
شغل السيد محمد أديب حسين وهبه منصب مدير المعارف " وزير المعارف " في تعديلٍ جرى في 11/9/1926م على حكومة الرئيس حسن خالد أبو الهدى الصيَّادي المشكـَّـلة في 26/6/1926م ، وكان إسم الحكومة قد تغير من مجلس النظار ليصبح المجلس التنفيذي ، واستمر عضواً في حكومة الرئيس حسن خالد أبو الهدى الصيَّادي حتى 17/10/1929م حيث أعاد أبو الهدى تشكيل حكومة جديده لم يكن الوزير أديب وهبه من أعضائها .
وكان السيد أديب وهبه من رجالات الحركة الوطنية العربية منذ سنوات شبابه ، فما أن بلغه نبأ ثورة الملك شريف مكة الحسين بن علي على حكومة حزب الإتـِّـحاد والتـَّـرقــِّـي التي تسلطت على الدولة العثمانية في أواخر سنواتها والذي كان معظم قادته من يهود الدونمة والماسونيين الذين كان لهم علاقة بالصهيونية العالمية ، وكان في ذلك الوقت يعمل مدرساً للغة العربية وآدابها في كلية المعلمين في بغداد حتى سارع إلى تقديم استقالته في 18/7/1917م ليلتحق بالثورة فاختاره الملك فيصل بن الحسين ليعمل في بلاطه الملكي في دمشق بعد تأسيس الحكومة العربية الفيصلية مديراً للإعاشة برتبة رئيس ، ثم رُقــِّـي ليصبح معاوناً لمدير إدارة البلاط ، ولكن حنينه للعسكرية دفعه لطلب الإنتقال إلى الخدمة العسكرية الفعلية فاستـُجيب لطلبه ، وعين قائداً لسرِّية الدرك في السلط التي كانت عاصمة للبقاء التي كانت بدورها مع بقية مناطق شرقي الأردن تابعة للحكومة العربية الفيصلية في دمشق ، ثم رُقــِّـي إلى رتبة قائد في 21/5/1921م بعد تأسيس إمارة شرقي الأردن وكان من أبرز ضباط قوات الدرك في الإمارة التي كان يقودها عارف الحسن .
ويبدو أن خلفية السيد أديب وهبه التربوية أغرت حكومة الإمارة الناشئة إلى الاستفادة من خبراته وكفاءاته التربوية فعُيِّن مديراً عاماً للمعارف في 8/8/1921م ، ولم تكن الحكومة في ذلك الوقت تضم مدير المعارف في كادرها كوزير مستقل ، وبقي في منصبه مديراً للمعارف إلى 30/7/1923م عندما رضخت حكومة علي رضا الركابي لضغوطات سلطات الانتداب الإنجليزي فأصدرت أمراً بنقله مديراً لمدرسة السلط الثانوية الوحيدة في الإمارة في حينه ، فاعتبر أديب وهبه قرار نقله بمثابة إهانةٍ توجهها الحكومة إليه فاستقال ، ويبدو أن استقالة السيد أديب وهبه زادت من حقد الإنجليز عليه فضغطوا على رئيس الحكومة مظهر رسلان الذي خلف الركابي في رئاسة الحكومة فأصدر أمراً باعتقاله ، ولكنه كان أسرع إلى اللجوء إلى دمشق ، وبقي فيها متستراً إلى أن صَدَرَ عفو أميري فعاد إلى عمان ليشغل مرة أخرى منصب مدير المعارف في 13/9/1924م ، ثمَّ انضمَّ إلى الحكومة بمنصب مدير المعارف " وزير المعارف " في حكومة الرئيس حسن خالد أبو الهدى الصيَّادي المشكـَّـلة في 26/6/1926م بموجب تعديل وزاري جرى عليها في 11/9/1926م ، وبقي في منصبه الوزاري حتى 17/10/1929م ، عندما أعاد الرئيس حسن خالد أبو الهدى تشكيل حكومة جديدة استثنى منها مديرية المعارف "وزارة المعارف" فاستمر السيد أديبوهبه في منصب وزير المعارف من خارج الحكومة حتى 25/9/1935م حيث حلَّ مكانه في منصب وزير المعارف السيد أحمد طوقان منتدباً من حكومة الإنتداب البريطاني في فلسطين ، وفي 18/1/1940م عُيِّن السيد أديب وهبه قنصلاً لإمارة شرقي الأردن في القاهرة ، وفي 1/1/1942م نـُـقِـلَ قنصلاً للإمارة في فلسطين وبقي في هذا المنصب حتى 15/12/1943م حيث نـُـقِـلَ مديراً للبرق والبريد ثم أُعيد تعيينه مديراً للمعارف حتى 31/12/1944م حيث أحيل على التقاعد .
على صعيد العمل السياسي كان الأستاذ أديب وهبه منذ بواكير شبابه متأثرا بطروحات الحركة الوطنية العربية وخاصة حزب الإستقلال العربي الذي كان أحد مؤسِّـسي فرعه الأردني في صيف عام 1921 م ، وبعد نجاح المحتلين الإنجليز في تشتيت رجالات الحزب ، شارك أديب وهبه في تأسيس حزب أحرار الأردن بزعامة علي خلقي باشا الشرايري في عام 1923 م، وفي عام 1936 مشارك في تأسيس الحزب الوطني الأردني بزعامة الدكتور محمد صبحي أبو غنيمة .
وكان السيد أديب وهبه يتقن إلى جانب لغته الأم العربية اللغات التركية والفرنسية وله إلمام بالإنجليزية ، ولعل براعته باللغة العربية واتـِّـساع ثقافته دفعتاه لولوج أبواب الأدب فانشغل في كتابة القصة القصيرة في بعض مراحل حياته ، وترك من بين مقتنياته عدداً من مخطوطات القصص القصيرة بأسلوب سلس ، ولعل أبرز ما حفلت مسيرة السيد أديب وهبي الوطنية في مجالاتها السياسية والعسكرية والتربوية ما كان يتمتع به من احترام وثقة رموز عصره ، ويشهد على ذلك الكم الكبير من الرسائل التي كان يتلقاها من هؤلاء الرموز والتي تلطـَّـف بجلة المحامي نائل وهبه باطلاعي على بعضها والتي أرى أن الحديث عن أديبوهبه لا يكتمل إلى بالإشارة إلى بعضها ، ففي رسالة من الملك فيصل بن الحسين يستحث الملك فيصل أديب وهبه على طمأنة السلطيين إلى أن إخوانهم العرب وجيوشهم العرب سيثأرون لهم ، وفي رسالة من الوطني العربي أحمد مريود في 27/8/1920م يطلب مريود من السيد أديب وهبه الإسراع في استنفار القوة العربية لنستعيد شرفنا المهان وحقنا المغتصب وجاءت هذه الرسالة في أعقاب هجمة المستعمرين الفرنسيين على دمشق وإسقاط الحكومة العربية الفيصلية ، وعندما عُين السيد أديب وهبه مديراً للمعارف في إمارة شرقي الأردن وكان يطلق عليها اسم حكومة " الشرق العربي " تلقــَّـى في 28/9/1924م رسالة من الأديب العربي الكبير محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي في دمشق تطري ما يتمتع به أديب وهبه من أدبٍ وعلم وغيرةٍ على نهضة الوطن ، وفي 21/12/1926م تلقــَّـى أديب وهبه من الدكتور محمد صبحي أبو غنيمه الذي كان مغترباً في برلين هرباً من ملاحقة الإنجليز والفرنسيين يُطري فيها ما يتمتع به أديب وهبه من وطنيةٍ وعلمٍ وأدبٍ ، ويجسِّد الكتابُ الذي أرسله مسلم العطار وزير المعارف في حكومة سمير الرفاعي المشكـَّـلة في 15/10/1944م إلى أديب وهبه يبلغه فيه بإحالته إلى التقاعد ما كان يتمتع به أديب وهبه من احترام كبير ، فقد تعمَّد الوزير أن يخاطب أديب وهبه في كتابه المؤرخ في 18/12/1944م بحضرة العالم المفضال والمربي الكبير أديب بك وهبه المبجَّل ، ويزخر الكتاب بعبارات الإطراء على المزايا الطـَّـيــبة التي تحلى بها أديبوهبه وعلى تفانيه في خدمة المعارف في بلاد الإمارة لرفع مستوى الثقافة بأمانة وإخلاص ودأبٍ مستمر .
ولم يكن أديب وهبه مسكوناً بهموم الأردن وفلسطين وسوريا والعراق وحدها، وإنما كان ما يقاسيه عرب ليبيا من الاستعمار الإيطالي يؤرِّقه فأقام علاقة وثيقة بالزعيم الليبي محمد الإدريسي السنوسي قائد الثورة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي ، والذي أصبح فيما بعد ملكاً لليبيا بعد خروج المستعمرين الطليان ، وجرت بينهما مراسلات عديدة كان من بينها رسالة من الإدريسي لأديب وهبه في 13/4/1944م .
ويذكر الدكتور هاني صبحي العمد في كتابه ( أحسن الربط في تراجم رجالات من السلط ) أن الأستاذ " محمد أديب " حسين وهبه ولد في السلط في عام 1892م / 1309هـ ، ويذكر العمد أن عائلة وهبه في السلط والقدس تنحدران من جدِّهم حسين الذي ارتحل إلى نابلس بعد منصف القرن التاسع عشر على أثر خلاف عائلي حول تقسيم أراضي العائلة ، ثمَّ ارتحل إلى السلط ليعمل محاسبا في بلديتها ، وتزوَّج بالسيدة حبسة بنت مصطفى العربيات التي أنجبت له نمر وأديب وثلاث بنات ، وقد أنهى أديب وهبه دراسته الثانوية في القدس عام 1910م وكان الناجحون فيها يحصلون على شهادة تسمى ( شهادة فوق الأعلى ) ، وعمل بعد تخرجه معلما للتاريخ والجغرافيا في المدرسة السلطانية بالقدس ، ثمَّ التحق بالكلية الحربية في استانبول وتخرَّج منها ضابطا في عام 1915 م والتحق فور تخرجه بالخدمة العسكرية في جيش الدولة العثمانية برتبة ملازم في 11/6/1915م ، وكانت خدمته في العراق وكان برتبة ملازم ، وأثناء الدفاع عن بغداد ضد الجيش البريطاني وقع أديب وهبه في أسر الإنجليز بعد أن أصيب بجراح ألزمته المستشفى في بغداد فترة من الزمن ، وبعد أن استقرَّت الأوضاع لصالح الإنجليز في العراق لم يجدوا مفراً من الاستفادة من كفاءة أديب وهبه فعيَّنوه رغم معرفتهم بميوله الوطنية والثورية كاتباً في القسم العربي في نظارة المالية " وزارة المالية " في بغداد في 11/5/1917م ، وعندما وصلت شهرته في تدريس اللغة العربية وأدبها إلى مسامع بعض أعضاء مجلس المعارف في العراق ثمَّ نقله من نظارة المالية للعمل أستاذاً للآداب العربية في دار المعلمين ببغداد فأبدع في مهنة التدريس ، وكان قد مارسها بعد تخرُّجه وحصوله على شهادة درجة فوق الأعلى عندما عمل مدرساً للتاريخ والجغرافيا في المدرسة السلطانية في القدس في عام 1910م .
وقد ذَكَرْتُ أن أديب وهبه كان من رجالات الحركة الوطنية ، ولذلك فلم يكن غريباً أن يظهر مع العديد من رجالات الحركة الوطنية الأُردنية ومنهم السيد أديبوهبه تعاطفاً مع ثورة " العدوان " التي قادها الشيخ سلطان باشا العدوان ضد حكومة الركابي التي كانت ممالئة للإنجليزالذين صبُّـوا جام غضبهم على أديبوهبه ورفاقه فأوعزوا إلى حكومة مظهر رسلان باعتقاله ولكنه لجأ إلى بادية الشام التي كانت سيطرة المستعمرين الفرنسيين حلفاء الإنجليز غير كاملة عليها ، وساعده على اللجوء إلى بادية الشام ما عرف عنه من إلمام بحياة البداوة وتقاليدها ، وقد ترك أديب وهبه فيما ترك من أوراق بعد انتقاله إلى رحمة الله بعض المخطوطات بخط يده عن بعض نواحي الحياة في البادية وخاصة فيما يتعلق بعادات البداوة في الضيافة وحقوق الضيوف وواجباتهم وفيما يتعلق بالقضاء وتقاليده عند البدو ، وقد تلطف نجله الأستاذ المحامي نائل وهبه فأطلعني على هذه المخطوطات ، وعلى صعيد قرار حكومة مظهر رسلان باعتقال أديب وهبهتـُـبين رسالة صادرة في 8/9/1923م أطلعني عليها نجله المحامي نائل وهبه وهي موجهه من وزير المستعمرات البريطاني السير ب- توماس إلى المندوب السامي البريطاني في فلسطين أن الإنجليز كانوا وراء إصدار حكومة مظهر رسلان أوامر باعتقال تسعة من رجالات الحركة الوطنية في شرقي الأردن تمَّ اعتقال ستة منهم فعلا لم يكن أديب وهبه منهم ، وتحدثت الرسالة عن جدية حكومة مظهر رسلان في اعتقال المطلوب أديب وهبه الذي وضعته رسالة وزير المستعمرات البريطاني بأنه كان " الأهم " من بين المطلوبين التسعة .
وفي أثناء توليه منصب مدير المعارف بعد عودته من دمشق انتدبت حكومة الإمارة أديب وهبه ليكون ممثلها في اجتماعات مؤتمر الاستانه "استنبول" في شهر تشرين أول من عام 1924م للنظر في مسألة الديون العمومية المتعلقة بالأجزاء التي انفصلت عن الدولة العثمانية وكانت شرقي الأردن من هذه الأجزاء .
توفي الأستاذ أديب وهبه إلى رحمة الله بعد حياة حافلة بالعطاء في 13/5/1949م .
• جدُّ عائلة وهبه " حسين " ارتحل من القدس إلى نابلس بعد منتصف القرن التاسع عشر على أثر خلاف عائلي حول تقسيم أراضي العائلة ، ثمَّ ارتحل من نابلس إلى السلط .
• الإنجليز اتهموا أديب وهبه بالتعاطف مع ثورة سلطان باشا العدوان ، فنقلوه من مديرٍ للمعارف إلى مدير لمدرسة ، فاستقال
أديب وهبه
شغل السيد محمد أديب حسين وهبه منصب مدير المعارف " وزير المعارف " في تعديلٍ جرى في 11/9/1926م على حكومة الرئيس حسن خالد أبو الهدى الصيَّادي المشكـَّـلة في 26/6/1926م ، وكان إسم الحكومة قد تغير من مجلس النظار ليصبح المجلس التنفيذي ، واستمر عضواً في حكومة الرئيس حسن خالد أبو الهدى الصيَّادي حتى 17/10/1929م حيث أعاد أبو الهدى تشكيل حكومة جديده لم يكن الوزير أديب وهبه من أعضائها .
وكان السيد أديب وهبه من رجالات الحركة الوطنية العربية منذ سنوات شبابه ، فما أن بلغه نبأ ثورة الملك شريف مكة الحسين بن علي على حكومة حزب الإتـِّـحاد والتـَّـرقــِّـي التي تسلطت على الدولة العثمانية في أواخر سنواتها والذي كان معظم قادته من يهود الدونمة والماسونيين الذين كان لهم علاقة بالصهيونية العالمية ، وكان في ذلك الوقت يعمل مدرساً للغة العربية وآدابها في كلية المعلمين في بغداد حتى سارع إلى تقديم استقالته في 18/7/1917م ليلتحق بالثورة فاختاره الملك فيصل بن الحسين ليعمل في بلاطه الملكي في دمشق بعد تأسيس الحكومة العربية الفيصلية مديراً للإعاشة برتبة رئيس ، ثم رُقــِّـي ليصبح معاوناً لمدير إدارة البلاط ، ولكن حنينه للعسكرية دفعه لطلب الإنتقال إلى الخدمة العسكرية الفعلية فاستـُجيب لطلبه ، وعين قائداً لسرِّية الدرك في السلط التي كانت عاصمة للبقاء التي كانت بدورها مع بقية مناطق شرقي الأردن تابعة للحكومة العربية الفيصلية في دمشق ، ثم رُقــِّـي إلى رتبة قائد في 21/5/1921م بعد تأسيس إمارة شرقي الأردن وكان من أبرز ضباط قوات الدرك في الإمارة التي كان يقودها عارف الحسن .
ويبدو أن خلفية السيد أديب وهبه التربوية أغرت حكومة الإمارة الناشئة إلى الاستفادة من خبراته وكفاءاته التربوية فعُيِّن مديراً عاماً للمعارف في 8/8/1921م ، ولم تكن الحكومة في ذلك الوقت تضم مدير المعارف في كادرها كوزير مستقل ، وبقي في منصبه مديراً للمعارف إلى 30/7/1923م عندما رضخت حكومة علي رضا الركابي لضغوطات سلطات الانتداب الإنجليزي فأصدرت أمراً بنقله مديراً لمدرسة السلط الثانوية الوحيدة في الإمارة في حينه ، فاعتبر أديب وهبه قرار نقله بمثابة إهانةٍ توجهها الحكومة إليه فاستقال ، ويبدو أن استقالة السيد أديب وهبه زادت من حقد الإنجليز عليه فضغطوا على رئيس الحكومة مظهر رسلان الذي خلف الركابي في رئاسة الحكومة فأصدر أمراً باعتقاله ، ولكنه كان أسرع إلى اللجوء إلى دمشق ، وبقي فيها متستراً إلى أن صَدَرَ عفو أميري فعاد إلى عمان ليشغل مرة أخرى منصب مدير المعارف في 13/9/1924م ، ثمَّ انضمَّ إلى الحكومة بمنصب مدير المعارف " وزير المعارف " في حكومة الرئيس حسن خالد أبو الهدى الصيَّادي المشكـَّـلة في 26/6/1926م بموجب تعديل وزاري جرى عليها في 11/9/1926م ، وبقي في منصبه الوزاري حتى 17/10/1929م ، عندما أعاد الرئيس حسن خالد أبو الهدى تشكيل حكومة جديدة استثنى منها مديرية المعارف "وزارة المعارف" فاستمر السيد أديبوهبه في منصب وزير المعارف من خارج الحكومة حتى 25/9/1935م حيث حلَّ مكانه في منصب وزير المعارف السيد أحمد طوقان منتدباً من حكومة الإنتداب البريطاني في فلسطين ، وفي 18/1/1940م عُيِّن السيد أديب وهبه قنصلاً لإمارة شرقي الأردن في القاهرة ، وفي 1/1/1942م نـُـقِـلَ قنصلاً للإمارة في فلسطين وبقي في هذا المنصب حتى 15/12/1943م حيث نـُـقِـلَ مديراً للبرق والبريد ثم أُعيد تعيينه مديراً للمعارف حتى 31/12/1944م حيث أحيل على التقاعد .
على صعيد العمل السياسي كان الأستاذ أديب وهبه منذ بواكير شبابه متأثرا بطروحات الحركة الوطنية العربية وخاصة حزب الإستقلال العربي الذي كان أحد مؤسِّـسي فرعه الأردني في صيف عام 1921 م ، وبعد نجاح المحتلين الإنجليز في تشتيت رجالات الحزب ، شارك أديب وهبه في تأسيس حزب أحرار الأردن بزعامة علي خلقي باشا الشرايري في عام 1923 م، وفي عام 1936 مشارك في تأسيس الحزب الوطني الأردني بزعامة الدكتور محمد صبحي أبو غنيمة .
وكان السيد أديب وهبه يتقن إلى جانب لغته الأم العربية اللغات التركية والفرنسية وله إلمام بالإنجليزية ، ولعل براعته باللغة العربية واتـِّـساع ثقافته دفعتاه لولوج أبواب الأدب فانشغل في كتابة القصة القصيرة في بعض مراحل حياته ، وترك من بين مقتنياته عدداً من مخطوطات القصص القصيرة بأسلوب سلس ، ولعل أبرز ما حفلت مسيرة السيد أديب وهبي الوطنية في مجالاتها السياسية والعسكرية والتربوية ما كان يتمتع به من احترام وثقة رموز عصره ، ويشهد على ذلك الكم الكبير من الرسائل التي كان يتلقاها من هؤلاء الرموز والتي تلطـَّـف بجلة المحامي نائل وهبه باطلاعي على بعضها والتي أرى أن الحديث عن أديبوهبه لا يكتمل إلى بالإشارة إلى بعضها ، ففي رسالة من الملك فيصل بن الحسين يستحث الملك فيصل أديب وهبه على طمأنة السلطيين إلى أن إخوانهم العرب وجيوشهم العرب سيثأرون لهم ، وفي رسالة من الوطني العربي أحمد مريود في 27/8/1920م يطلب مريود من السيد أديب وهبه الإسراع في استنفار القوة العربية لنستعيد شرفنا المهان وحقنا المغتصب وجاءت هذه الرسالة في أعقاب هجمة المستعمرين الفرنسيين على دمشق وإسقاط الحكومة العربية الفيصلية ، وعندما عُين السيد أديب وهبه مديراً للمعارف في إمارة شرقي الأردن وكان يطلق عليها اسم حكومة " الشرق العربي " تلقــَّـى في 28/9/1924م رسالة من الأديب العربي الكبير محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي في دمشق تطري ما يتمتع به أديب وهبه من أدبٍ وعلم وغيرةٍ على نهضة الوطن ، وفي 21/12/1926م تلقــَّـى أديب وهبه من الدكتور محمد صبحي أبو غنيمه الذي كان مغترباً في برلين هرباً من ملاحقة الإنجليز والفرنسيين يُطري فيها ما يتمتع به أديب وهبه من وطنيةٍ وعلمٍ وأدبٍ ، ويجسِّد الكتابُ الذي أرسله مسلم العطار وزير المعارف في حكومة سمير الرفاعي المشكـَّـلة في 15/10/1944م إلى أديب وهبه يبلغه فيه بإحالته إلى التقاعد ما كان يتمتع به أديب وهبه من احترام كبير ، فقد تعمَّد الوزير أن يخاطب أديب وهبه في كتابه المؤرخ في 18/12/1944م بحضرة العالم المفضال والمربي الكبير أديب بك وهبه المبجَّل ، ويزخر الكتاب بعبارات الإطراء على المزايا الطـَّـيــبة التي تحلى بها أديبوهبه وعلى تفانيه في خدمة المعارف في بلاد الإمارة لرفع مستوى الثقافة بأمانة وإخلاص ودأبٍ مستمر .
ولم يكن أديب وهبه مسكوناً بهموم الأردن وفلسطين وسوريا والعراق وحدها، وإنما كان ما يقاسيه عرب ليبيا من الاستعمار الإيطالي يؤرِّقه فأقام علاقة وثيقة بالزعيم الليبي محمد الإدريسي السنوسي قائد الثورة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي ، والذي أصبح فيما بعد ملكاً لليبيا بعد خروج المستعمرين الطليان ، وجرت بينهما مراسلات عديدة كان من بينها رسالة من الإدريسي لأديب وهبه في 13/4/1944م .
ويذكر الدكتور هاني صبحي العمد في كتابه ( أحسن الربط في تراجم رجالات من السلط ) أن الأستاذ " محمد أديب " حسين وهبه ولد في السلط في عام 1892م / 1309هـ ، ويذكر العمد أن عائلة وهبه في السلط والقدس تنحدران من جدِّهم حسين الذي ارتحل إلى نابلس بعد منصف القرن التاسع عشر على أثر خلاف عائلي حول تقسيم أراضي العائلة ، ثمَّ ارتحل إلى السلط ليعمل محاسبا في بلديتها ، وتزوَّج بالسيدة حبسة بنت مصطفى العربيات التي أنجبت له نمر وأديب وثلاث بنات ، وقد أنهى أديب وهبه دراسته الثانوية في القدس عام 1910م وكان الناجحون فيها يحصلون على شهادة تسمى ( شهادة فوق الأعلى ) ، وعمل بعد تخرجه معلما للتاريخ والجغرافيا في المدرسة السلطانية بالقدس ، ثمَّ التحق بالكلية الحربية في استانبول وتخرَّج منها ضابطا في عام 1915 م والتحق فور تخرجه بالخدمة العسكرية في جيش الدولة العثمانية برتبة ملازم في 11/6/1915م ، وكانت خدمته في العراق وكان برتبة ملازم ، وأثناء الدفاع عن بغداد ضد الجيش البريطاني وقع أديب وهبه في أسر الإنجليز بعد أن أصيب بجراح ألزمته المستشفى في بغداد فترة من الزمن ، وبعد أن استقرَّت الأوضاع لصالح الإنجليز في العراق لم يجدوا مفراً من الاستفادة من كفاءة أديب وهبه فعيَّنوه رغم معرفتهم بميوله الوطنية والثورية كاتباً في القسم العربي في نظارة المالية " وزارة المالية " في بغداد في 11/5/1917م ، وعندما وصلت شهرته في تدريس اللغة العربية وأدبها إلى مسامع بعض أعضاء مجلس المعارف في العراق ثمَّ نقله من نظارة المالية للعمل أستاذاً للآداب العربية في دار المعلمين ببغداد فأبدع في مهنة التدريس ، وكان قد مارسها بعد تخرُّجه وحصوله على شهادة درجة فوق الأعلى عندما عمل مدرساً للتاريخ والجغرافيا في المدرسة السلطانية في القدس في عام 1910م .
وقد ذَكَرْتُ أن أديب وهبه كان من رجالات الحركة الوطنية ، ولذلك فلم يكن غريباً أن يظهر مع العديد من رجالات الحركة الوطنية الأُردنية ومنهم السيد أديبوهبه تعاطفاً مع ثورة " العدوان " التي قادها الشيخ سلطان باشا العدوان ضد حكومة الركابي التي كانت ممالئة للإنجليزالذين صبُّـوا جام غضبهم على أديبوهبه ورفاقه فأوعزوا إلى حكومة مظهر رسلان باعتقاله ولكنه لجأ إلى بادية الشام التي كانت سيطرة المستعمرين الفرنسيين حلفاء الإنجليز غير كاملة عليها ، وساعده على اللجوء إلى بادية الشام ما عرف عنه من إلمام بحياة البداوة وتقاليدها ، وقد ترك أديب وهبه فيما ترك من أوراق بعد انتقاله إلى رحمة الله بعض المخطوطات بخط يده عن بعض نواحي الحياة في البادية وخاصة فيما يتعلق بعادات البداوة في الضيافة وحقوق الضيوف وواجباتهم وفيما يتعلق بالقضاء وتقاليده عند البدو ، وقد تلطف نجله الأستاذ المحامي نائل وهبه فأطلعني على هذه المخطوطات ، وعلى صعيد قرار حكومة مظهر رسلان باعتقال أديب وهبهتـُـبين رسالة صادرة في 8/9/1923م أطلعني عليها نجله المحامي نائل وهبه وهي موجهه من وزير المستعمرات البريطاني السير ب- توماس إلى المندوب السامي البريطاني في فلسطين أن الإنجليز كانوا وراء إصدار حكومة مظهر رسلان أوامر باعتقال تسعة من رجالات الحركة الوطنية في شرقي الأردن تمَّ اعتقال ستة منهم فعلا لم يكن أديب وهبه منهم ، وتحدثت الرسالة عن جدية حكومة مظهر رسلان في اعتقال المطلوب أديب وهبه الذي وضعته رسالة وزير المستعمرات البريطاني بأنه كان " الأهم " من بين المطلوبين التسعة .
وفي أثناء توليه منصب مدير المعارف بعد عودته من دمشق انتدبت حكومة الإمارة أديب وهبه ليكون ممثلها في اجتماعات مؤتمر الاستانه "استنبول" في شهر تشرين أول من عام 1924م للنظر في مسألة الديون العمومية المتعلقة بالأجزاء التي انفصلت عن الدولة العثمانية وكانت شرقي الأردن من هذه الأجزاء .
توفي الأستاذ أديب وهبه إلى رحمة الله بعد حياة حافلة بالعطاء في 13/5/1949م .