بسم الله الرحمن الرحيم

في السنة السابعة للهحرة النبوية , و في الشهر المحرم ...و قد ضاق المسلمون بغدر اليهود و خياناتهم المتكررة ... و تدبيرهم المؤامرات مع مشركي العرب ... يبغون تقويض
دعائم الاسلام , و القضاء عليه في أي صورة من الصور و مهما كلفهم ذلك من الثمن ...يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم .. ولكن الله عز و جل متم نوره و لو كره الكافرون و
المشركون جميعا .

نادى رسول الله صلى الله عليه و سلم للخروج الى خيبر...و فتحت خيبر بعد أن حاصرها رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه بضع عشرة ليلة و غنم المسلمون غنائم كثيرة ,
و سبوا كثيرا من نساء خيبر منهم صفية بنت حيي بن أخطب , زعيم اليهود و صاحب كلمتهم ...و تزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصبحت احدى أمهات المؤمنين .

طارت أنباء الانتصار الى يثرب, وكم كانت فرحة المسلمين غامرة بهذا النصر فلطالما صبروا على أذى اليهود و دسائسهم , لكن أنباء الانتصار لم تصل الى مكة ذك لأن وسائل
المواصلات لم تكن سريعة كما هو الحال في عصرنا اليوم , واذ بالصحابي الحجاج بن علاط السلمي رضي الله عنه يستأذن من رسول الله صلى الله عليه و سلم في أن يعود
الى مكة ليسترجع أمواله و تجارته لينفقه في سبيل الله و ( كان يخفي اسلامه) . فأذن له رسول الله لكن ذهابه الى مكة لن يفيده شيئا ما لم يتذرع بحيلة بارعة أو يأت بخبر
يسعد أهل مكة , فاهتدى الى فكرة قائلا : يا رسول الله جعلني الله فداءك , أرجو أن تأذن لي أن أنال منك و أنعاك لأهل مكة , فلعل ذلك يكون عونا لي للحصول على أموالي
منهم , فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم ابتسامة الرضا , و أذن له .

وانطلق الحجاج بن علاط السلمي صوب مكة , ولا يكاد يستقر به المقام حتى سرى خبر قدومه في كل أرجاء مكة و توافد الناس اليه , فقال لهم :حملت لكم أنباء تسركم ,
لقد شهدت قتال محمد مع اليهود في خيبر , و رأيت المسلمين انهزموا أمام بطش اليهود و قوتهم , عندئذ صاح المشركون مهللين تعبيرا عن فرحتهم و ازدادوا فرحا و سرورا
و صاروا يتعانقون و يهنئ بعضهم البعض , فأنتهز الصحابي الجليل هذه الفرصة و قال لهم : أيها الاخوة ردوا علي مالي لأرجع الى خيبر مسرعا, فأشتري مما غنم اليهود من غنائم المسلمين قبل أن يسبقني التجار و انتظروني كي أعود لكم بقافلة محملة , حين سمع المشركون كلامه , بادر كل واحد منهم بتقديم ماعليه من مال للحجاج بن علاط السلمي
كمكافأة له له على بشارته التي أسعدتهم أيما سعادة .

وبهذه الحيلة الذكية استطاع الصحابي الجليل أن يجمع كل أمواله التي عند المشركين , لكن قبل أن يغادر الحجاج بن غلاط
السلمي مكة , ذهب الى دار العباس عم النبي صلى الله عليه و سلم الذي كان يكتم اسلامه و أخبره بالحقيقة و أخبره أنه أسلم و أخبره أن ينشر الخبر الصحيح و الحقيقة بعد أن
يخرج من مكة و يبتعد عنها . وفرح المؤمنون بعد أن حزنوا بالأمس و حزن الذين فرحوا بالأمس و هم المشركون , و ظل الناس يتحدثون عن هذه الحيلة الذكية البارعة باعجاب .

و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم