[size=18]- ما الذي هوى بك يا أخي فى السعير و كنت أراك على خير ؟

- كنت من الأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .. كنت أظن أننى من أكثر الناس إيماناً و نسيت أن إبليس هو أكثر منى إيماناً فقد كان فى الملأ الأعلى ..

- يا أخي كنت أراك تصلي و تصوم بل كنت أحياناً إمامنا فى الصلاة ..

- كنت أصلي و أصوم و لكن لم أفعل ما قاله الله عز و جل فى أول سورة المؤمنون .. فلم أكن من الذين هم فى صلاتهم خاشعون و لا الذين هم عن اللغو معرضون فقد كنت أقضي حياتي فى اللهو و اللعب و الدردشة التى لا تفيد ديني و لا وطني .. و لم أكن من الذين هم للزكاة فاعلون ، و ابتغيت غير ما أحل الله فكنت من العادين , ضيعت بعض الأمانات ..و لم أفِ ببعض العهود .. و لم أحافظ على كل الصلوات فى أوقاتها .. لذلك لم أكن من المفلحين بل أصبحت من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة و ذلك هو الخسران المبين .

- يا أخي ألم تكن تستغفر الله و تتوب إليه ؟

- كنت أستغفره و أتوب إليه ثم أعود إلى المعاصي و لم أكن من الذين لم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون .. و كنت أطمع دائماً فى مغفرة الله فتكاسلت عن الإستغفار و اقترفت المعصية بعد المعصية حتى أخذني الله بغتة

- كنت أراك حافظاً للقرآن الكريم فكيف لم تنتبه ؟؟

- نعم كنت حافظاً لأجزاء من القرآن ثم نسيتها و لم أعمل بها و قد قال الله " قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ " سورة طه 126 و لم تنفع صرخاتي و لا دعواتي أن يعيدني الله إلى الدنيا لأكن من المحسنين ..

و أتمنى أن يعاتبنى الله و يرحمنى فلم أستطع الصبر على النار و لكن قال الله عز و جل " فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ۖ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ " سورة فصلت 24


وأصعب ما فى النار أن تدرك أن الله قد نسيك من رحمته و ما كان ربك نسياً و لم يؤجرك على صبرك فى النار بل قال "اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ ۖ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " سورة الطور 16.. و لكننى حقاً أستحق ذلك .. كان ينبغى أن أكون تقياً و لم يكن هذا بالأمر العسير و لكننى ظلمت نفسي

" فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ۖ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" سورة السجدة 14

" و هُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ " سورة فاطر 37

و قد آتاتي الله علماً بآياته و لكنني أحببت العمى على الهدى و آثرت متاع الدنيا الزائل و نسيت الآخرة فكنت كالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث هل تذكر المثل الذي ذكره الله فى سورة الأعراف : " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ - وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " سورة الأعراف 175 و 176

و استحوذ عليّ الشيطان فأنساني ذكر الله كما قال الله عز و جل " اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ " سورة المجادلة 19


- و ماذا تطلب الآن ؟؟

- طلبنا من خزنة جهنم أن يدعوا الله يخفف عنا يوماً من العذاب ..

- و هل لبوا طلبكم ؟

- لا .. بل قالوا لنا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات ؟ قلنا بلى .. قالوا فادعوا..

- لا حول و لا قوة إلا بالله ألم تكن تعلم أن الله قد نبأنا بذلك فى سورة غافر ؟ : "وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ - قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ " سورة غافر 49 و 50

- و ماذا تطلب منا الآن ؟

- أن تفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ..

- ألم تكن تعلم أن الله قد حرمهما على الكافرين ؟ و كنت تقرأ فى الدنيا : " وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ " سورة الأعراف الآية 50

و حتى الحوار الذي نقوله الآن بيننا ذكر الله مثله فى سورة الصافات ، هل تتذكر ؟

" قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ - يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ - أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ - قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ - فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ - قَالَ تَاللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ - وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ - أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ - إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ - إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ - لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ " سورة الصافات 51-61

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ

اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا ، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا ، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا

اللهم لا تردنا إليك إلا و أنت راضٍ عنا

اللهم إن كنا صادقين فوفقنا لما تحب و ترضى و إن كنا غير ذلك فاجعلنا بقدرتك من الصادقين

اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحب العفوَ فاعفُ عنا

و صلِّ اللهم على عبدك و نبيك محمدٍ و على آله و صحبه و سلم
[/size]