إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا أما بعد/
إن التوحيد هو أصل الأصول ،و أهم المهمات و رأس الأمر ،و العروة الوثقى و الكلمة الطيبة ،وهوالذي أرسلت به الرسل جميعا ، قال تعالى : {{و لقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت}}، وقال تعالى: {{و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }}، وقال تعالى : {{فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك و للمؤمنين و المؤمنات}}.
أيها الناس : إن التوحيد في الإسلام ليس أمرا ثانويا في التفكير، ولا نافلة من القول ، و لا مظهرا من مظاهر الضعف أو الخوف ، وإنما التوحيد هو فطرة الله التي فطر الناس عليها ,و حاجة ضرورية للنفس و الروح,بحيث إذا فُقِد التوحيد ترك فراغا في النفس لا يملأ، وفوهة في الروح لا تسد ،وخرابا في الضمير لا يعمر , لذلك كله كانت بداءة الرسل جميعا هي الدعوة إلى التوحيد, فكل من بُعث من الرسل من نوح عليه الصلاة و السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم يأتي قومه فيقول لهم : {{ يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }} ، {{ و إلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }} , {{ وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }} , {{ و إلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }}, ورسولنا الكريم – صلى الله عليه و سلم – ثلاثة عشر عاما في مكة- و هو يقول لقومه: [ قولوا لا إله إلى الله تفلحوا ].
أيها المسلمون : ما هو التوحيد الذي بُعثت به الرسل ؟
هل التوحيد هو أن تعتقد أن الله هو الخالق المنفرد بالخلق , و أنه المالك المتفرد بالملك , و أنه المدبر المصرف المتفرد بالتدبير و التصريف , ؟ لا شك إن هذا من التوحيد , وهل التوحيد أن تؤمن بأن الله عز و جل له أسماء حسنى و صفات علا كما قال تعالى : {{ و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون }} فتؤمن أنه السميع ذو السمع ، والبصير والحكيم و العليم ذو البصر والحكمة والعلم , وأنه خلق آدم بيده سبحانه وتعالى , له يدان تليقان به سبحانه وتعالى :{{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }} و أنه سبحانه و تعالى يجيئ للفصل بين الخلائق يوم القيامة {{ وجاء ربك والملك صفا صفا}} ، وأنه سبحانه و تعالى عالٍ على خلقه مستوٍعلى عرشه كما قال في كتابه : {{الرحمن على العرش استوى }}، و كما قال سبحانه :{{أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}} قال ابن عباس –رضي الله عنهما – من في السماء: الله .,فهل هذا هو التوحيد ؟! لاشك أن هذا من التوحيد؛
و لكن التوحيد الذي أرسلت به الرسل أصالة و أراد الله البشر أن ينصاعوا لله فيه , ويوحدوه به , والذي من أجله خلق الله الخلائق: {{وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون }}, هو توحيد العبادة :هو أن تعتقد أن الله عز وجل هو المتفرد بالعبادة ، فلا يستحق هذه العبادةَ ملكٌ مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي صالح ,فهذا التوحيد الثالث هو الذي يدخلك في الإسلام, وهو الذي أرسلت به الرسل ,وهو أن توحد الله بأفعالك أيها العبد ،فلا تصلي إلا لله سبحانه , ولا تسجد إلا لله ،ولا تدعو إلا إياه ، ولا تستغيث إلا بالله ، ولا تنذر إلا لله ،ولا تتوكل إلا على الله ولا تستعين إلا بالله ، ولا تذبح إلا لله عز وجل ، ولا تطوف إلا ببيت الله عز وجل ، فهذه العبادات كلها من نذر و طواف و خضوع و خشية وخوف واستعانة و استغاثة و سجود و توكل و دعاء هذه العبادات و غيرها من العبادات و كل العبادات ، لا تصرفها إلا لله عزوجل فلا تصرفها و لا توجهها لا لنبي مرسل و لا لملك مقرب و لا لولي صالح ولا للعيدروس ولا لنفيسة ولا لابن علوان ولا لبدوي ولا للمرسي أبي العباس ولا للحسين ولا لعلي ولا للعباس رضي الله عنهم ولا لعبد القادر الجيلاني ولا للجنيد ولا لغيرهم من المخلوقات , قال تعالى :{{ و قال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين }} ، وقال تعالى : {{إن الذين تدعون من دون الله عبادٌ أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين , ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها , أم لهم أعين يبصرون بها ,أم لهم آذان يسمعون بها }} و قال تعالى : {{ والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير , إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم و لو سمعوا ما استجابوا لكم و يوم القيامة يكفرون بشرككم , ولا ينبئك مثل خبير }}. واعلم أيها المسلم أنك لو اعتقدت أن الله عز وجل هو الخالق المدبر المتصرف المتفرد بذلك كله فإنك لا تكون موحدا له بذلك حق التوحيد ولا تدخل الإسلام حتى توحد الله بأفعالك أنت مما ذكرنا آنفا من صلاة ونذر و خوف ودعاء واستغاثة و خشية و طواف , تصرف كل ذلك لله عز وجل , و تكفر بكل ما يعبد من دون الله عز و جل قال تعالى : {{ و من يكفر بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها }} فهؤلاء مشركو قريش وحدوا الله بربوبيته أي اعتقدوا أنه سبحانه الخالق و المالك و المتصرف و المحيي بدليل قوله تعالى : {{ و لئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله }} ومع ذلك فقد قاتلهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و سبى نساءهم و ذراريهم مع قولهم بأن الله هو المتفرد بالخلق .. لماذا ؟ لأنهم لم يوجهوا أفعالهم التعبدية لله عز وجل وحده فكانوا من المشركين.
أيها المسلمون / إن المسلم الذي يريد الدار الآخرة و يريد العزة لهذا الدين ينبغي أن يكون عارفا بالتوحيد عارفا بالشرك حتى لا يقع فيه من حيث يدري أو لا يدري ,فإن التوحيد أيها الإخوة هو أساس بناء الأعمال ,فمن بنى عمله على شرك فهو كالذي يبني دارا على موج البحر فهل يجد له قرارا ؟! لاشك أن هذا البناء سينهدم ويسقط , وهكذا الشرك فإنه يُحبط العمل ولو كان العمل كأمثال الجبال !, قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : {{ ولقد أوحي إليك و إلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين }}،
إن الله تبارك و تعالى لا يحابي أحدا في التوحيد كائنا من كان اسمعوا لهذه الآية وانتبهوا كم نبيا سيذكره الله عز وجل في هذه الآية : {{ وتلك حجتنا ءاتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء , إن ربك حكيم عليم ،ووهبنا له إسحاق و يعقوب , كلا هدينا ، و نوحا هدينا من قبل , ومن ذريته داود و سليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون , و كذلك نجزي المحسنين ، وزكريا و يحيى و عيسى و إلياس , كل من الصالحين , وإسماعيل و اليسع و يونس و لوطا ، و كلا فضلنا على العالمين , ومن آبائهم و ذرياتهم وإخوانهم ، واجتبيناهم و هديناهم إلى صراط مستقيم , ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده , ولوأشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون }} ، ثمانية عشر نبيا ,و مع ذلك قال الله عز وجل فيهم :{{ و لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون }} , لا مجاملة في التوحيد أبدا , و لذا يجب على المسلم أن يخلص عمله لله عز و جل بالتوحيد و نبذ الشرك ، فإن الموحد يغفر الله – عز وجل - له زلاته ومعاصيه , و يَدْخل الجنة ولو بعد حين , أما المشرك فإن شِركه يمنع عنه يوم القيامة المغفرة , و يخلده في النار عياذا بالله تعالى ، قال تعالى :{{ إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا }}.
واعلموا أيها الإخوة أن الشرك سبب للعذاب و للمصائب و النقم و البلايا كلها , وهل أهلكت الأمم السابقة ، فُخُسِف بمن خسف ، ودُمر من دمر , و أُهلك من أهلك إلا بسبب الشرك و الواقع يشهد لذلك , واسمعوا لهاتين الآيتين العظيمتين قال تعالى : {{ لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا }} ، و قال تعالى : {{ ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا }} ، فالشرك بالله عز وجل سبب للذم و الخذلان ، والذي يخذله الله عز وجل من الذي ينصره؟!
قال تعالى : {{ أهلكناهم فلا ناصر لهم }}.
اللهم أحينا على التوحيد و أمتنا على التوحيد و احشرنا على التوحيد ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين , وأذل الشرك والمشركين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
إن التوحيد هو أصل الأصول ،و أهم المهمات و رأس الأمر ،و العروة الوثقى و الكلمة الطيبة ،وهوالذي أرسلت به الرسل جميعا ، قال تعالى : {{و لقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت}}، وقال تعالى: {{و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }}، وقال تعالى : {{فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك و للمؤمنين و المؤمنات}}.
أيها الناس : إن التوحيد في الإسلام ليس أمرا ثانويا في التفكير، ولا نافلة من القول ، و لا مظهرا من مظاهر الضعف أو الخوف ، وإنما التوحيد هو فطرة الله التي فطر الناس عليها ,و حاجة ضرورية للنفس و الروح,بحيث إذا فُقِد التوحيد ترك فراغا في النفس لا يملأ، وفوهة في الروح لا تسد ،وخرابا في الضمير لا يعمر , لذلك كله كانت بداءة الرسل جميعا هي الدعوة إلى التوحيد, فكل من بُعث من الرسل من نوح عليه الصلاة و السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم يأتي قومه فيقول لهم : {{ يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }} ، {{ و إلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }} , {{ وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }} , {{ و إلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }}, ورسولنا الكريم – صلى الله عليه و سلم – ثلاثة عشر عاما في مكة- و هو يقول لقومه: [ قولوا لا إله إلى الله تفلحوا ].
أيها المسلمون : ما هو التوحيد الذي بُعثت به الرسل ؟
هل التوحيد هو أن تعتقد أن الله هو الخالق المنفرد بالخلق , و أنه المالك المتفرد بالملك , و أنه المدبر المصرف المتفرد بالتدبير و التصريف , ؟ لا شك إن هذا من التوحيد , وهل التوحيد أن تؤمن بأن الله عز و جل له أسماء حسنى و صفات علا كما قال تعالى : {{ و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون }} فتؤمن أنه السميع ذو السمع ، والبصير والحكيم و العليم ذو البصر والحكمة والعلم , وأنه خلق آدم بيده سبحانه وتعالى , له يدان تليقان به سبحانه وتعالى :{{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }} و أنه سبحانه و تعالى يجيئ للفصل بين الخلائق يوم القيامة {{ وجاء ربك والملك صفا صفا}} ، وأنه سبحانه و تعالى عالٍ على خلقه مستوٍعلى عرشه كما قال في كتابه : {{الرحمن على العرش استوى }}، و كما قال سبحانه :{{أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}} قال ابن عباس –رضي الله عنهما – من في السماء: الله .,فهل هذا هو التوحيد ؟! لاشك أن هذا من التوحيد؛
و لكن التوحيد الذي أرسلت به الرسل أصالة و أراد الله البشر أن ينصاعوا لله فيه , ويوحدوه به , والذي من أجله خلق الله الخلائق: {{وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون }}, هو توحيد العبادة :هو أن تعتقد أن الله عز وجل هو المتفرد بالعبادة ، فلا يستحق هذه العبادةَ ملكٌ مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي صالح ,فهذا التوحيد الثالث هو الذي يدخلك في الإسلام, وهو الذي أرسلت به الرسل ,وهو أن توحد الله بأفعالك أيها العبد ،فلا تصلي إلا لله سبحانه , ولا تسجد إلا لله ،ولا تدعو إلا إياه ، ولا تستغيث إلا بالله ، ولا تنذر إلا لله ،ولا تتوكل إلا على الله ولا تستعين إلا بالله ، ولا تذبح إلا لله عز وجل ، ولا تطوف إلا ببيت الله عز وجل ، فهذه العبادات كلها من نذر و طواف و خضوع و خشية وخوف واستعانة و استغاثة و سجود و توكل و دعاء هذه العبادات و غيرها من العبادات و كل العبادات ، لا تصرفها إلا لله عزوجل فلا تصرفها و لا توجهها لا لنبي مرسل و لا لملك مقرب و لا لولي صالح ولا للعيدروس ولا لنفيسة ولا لابن علوان ولا لبدوي ولا للمرسي أبي العباس ولا للحسين ولا لعلي ولا للعباس رضي الله عنهم ولا لعبد القادر الجيلاني ولا للجنيد ولا لغيرهم من المخلوقات , قال تعالى :{{ و قال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين }} ، وقال تعالى : {{إن الذين تدعون من دون الله عبادٌ أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين , ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها , أم لهم أعين يبصرون بها ,أم لهم آذان يسمعون بها }} و قال تعالى : {{ والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير , إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم و لو سمعوا ما استجابوا لكم و يوم القيامة يكفرون بشرككم , ولا ينبئك مثل خبير }}. واعلم أيها المسلم أنك لو اعتقدت أن الله عز وجل هو الخالق المدبر المتصرف المتفرد بذلك كله فإنك لا تكون موحدا له بذلك حق التوحيد ولا تدخل الإسلام حتى توحد الله بأفعالك أنت مما ذكرنا آنفا من صلاة ونذر و خوف ودعاء واستغاثة و خشية و طواف , تصرف كل ذلك لله عز وجل , و تكفر بكل ما يعبد من دون الله عز و جل قال تعالى : {{ و من يكفر بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها }} فهؤلاء مشركو قريش وحدوا الله بربوبيته أي اعتقدوا أنه سبحانه الخالق و المالك و المتصرف و المحيي بدليل قوله تعالى : {{ و لئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله }} ومع ذلك فقد قاتلهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و سبى نساءهم و ذراريهم مع قولهم بأن الله هو المتفرد بالخلق .. لماذا ؟ لأنهم لم يوجهوا أفعالهم التعبدية لله عز وجل وحده فكانوا من المشركين.
أيها المسلمون / إن المسلم الذي يريد الدار الآخرة و يريد العزة لهذا الدين ينبغي أن يكون عارفا بالتوحيد عارفا بالشرك حتى لا يقع فيه من حيث يدري أو لا يدري ,فإن التوحيد أيها الإخوة هو أساس بناء الأعمال ,فمن بنى عمله على شرك فهو كالذي يبني دارا على موج البحر فهل يجد له قرارا ؟! لاشك أن هذا البناء سينهدم ويسقط , وهكذا الشرك فإنه يُحبط العمل ولو كان العمل كأمثال الجبال !, قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : {{ ولقد أوحي إليك و إلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين }}،
إن الله تبارك و تعالى لا يحابي أحدا في التوحيد كائنا من كان اسمعوا لهذه الآية وانتبهوا كم نبيا سيذكره الله عز وجل في هذه الآية : {{ وتلك حجتنا ءاتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء , إن ربك حكيم عليم ،ووهبنا له إسحاق و يعقوب , كلا هدينا ، و نوحا هدينا من قبل , ومن ذريته داود و سليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون , و كذلك نجزي المحسنين ، وزكريا و يحيى و عيسى و إلياس , كل من الصالحين , وإسماعيل و اليسع و يونس و لوطا ، و كلا فضلنا على العالمين , ومن آبائهم و ذرياتهم وإخوانهم ، واجتبيناهم و هديناهم إلى صراط مستقيم , ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده , ولوأشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون }} ، ثمانية عشر نبيا ,و مع ذلك قال الله عز وجل فيهم :{{ و لو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون }} , لا مجاملة في التوحيد أبدا , و لذا يجب على المسلم أن يخلص عمله لله عز و جل بالتوحيد و نبذ الشرك ، فإن الموحد يغفر الله – عز وجل - له زلاته ومعاصيه , و يَدْخل الجنة ولو بعد حين , أما المشرك فإن شِركه يمنع عنه يوم القيامة المغفرة , و يخلده في النار عياذا بالله تعالى ، قال تعالى :{{ إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا }}.
واعلموا أيها الإخوة أن الشرك سبب للعذاب و للمصائب و النقم و البلايا كلها , وهل أهلكت الأمم السابقة ، فُخُسِف بمن خسف ، ودُمر من دمر , و أُهلك من أهلك إلا بسبب الشرك و الواقع يشهد لذلك , واسمعوا لهاتين الآيتين العظيمتين قال تعالى : {{ لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا }} ، و قال تعالى : {{ ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا }} ، فالشرك بالله عز وجل سبب للذم و الخذلان ، والذي يخذله الله عز وجل من الذي ينصره؟!
قال تعالى : {{ أهلكناهم فلا ناصر لهم }}.
اللهم أحينا على التوحيد و أمتنا على التوحيد و احشرنا على التوحيد ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين , وأذل الشرك والمشركين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.