بعض الأعمال التى لا ينبغي أن تصرف إلا لله
--------------
أولا الإستعاذة

------------
من الشرك الاستعاذة بغير الله :-

- والاستعاذة : هي الالتجاء والاعتصام
ولهذا يسمى المستعاذ به : معاذا ً وملجأ ً
فالعائذ بالله قد هرب مما يؤذيه أو يهلكه إلى ربه ومالكه
وقال بن كثير :
الاستعاذة هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجانبه من شر كل ذي شر والعياذ يكون لدفع الشر واللياذ لطلب الخير
وهي من العبادات التي أمر الله تعالى بها عباده
قال تعالى : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم } ( فصلت : 36 )
وأمثال ذلك في القرآن كثيرة
{ قل أعوذ برب الناس } { قل أعوذ برب الفلق }
فما كان عبادة لله فصرفه لغير الله شرك في العبادة ما حكى الله عز وجل في كتابه
قال تعالى : { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا } ( الجن : 6 )
وذاك أن الرجل من العرب كان إذا أمسى بواد قفر وخاف على نفسه قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه . يريد كبير الجن فعلمت الجن منهم هذا الخوف فزادتهم إرهابا ً ورعبا ً
وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز الاستعاذة بغير الله فقد ذم الله الكافرين على ذلك
فقال تعالى : { ويوم يحشرهم جميعا ً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم } ( الأنعام : 128 )
فاستمتاع الإنسي بالجني في قضاء حوائجه وامتثال أوامره وإخباره بشيء من الغيبيات
واستمتاع الجني بالإنسي تعظيمه إياه واستعاذته به وخضوعه له
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ من نزل منزلا ً فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ]
فشرع الله لأهل الإسلام أن يستعيذوا به بدلا ً عما يفعله أهل الجاهلية من الاستعاذة بالجن فشرع الله للمسلمين أن يستعيذوا بأسمائه وصفاته
ومعنى التامات : الكاملات التي لا يلحقها نقص أو عيب كما يلحق كلام البشر وقيل معناه الشافية الكافية
وقيل الكلمات هنا هي القرآن كما في قوله { هدى وشفاء } ( يونس : 57 ) , ( الإسراء : 82 ) , ( فصلت : 44 )
وقال شيخ الإسلام بن تيمية :
وقد نص الأمة كأحمد وغيره على انه لا يجوز الاستعاذة بمخلوق وهذا مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق
لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعاذ بكلمات الله وأمر بذلك مما دل على أنها غير مخلوقة بل هي من صفات الخالق
وقال بن القيم :
من ذبح للشيطان ودعاه واستعاذ به وتقرب إليه بما يحب فقد عبده وإن لم يسم ذلك عبادة ويسمه استخداما ً
والشيطان هو الذي يستخدمه وليس العكس فإن الشيطان لا يعبده ولكنه هو الذي يصير

ثانيا الإستعانة

الاستعانة :

قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ :
[ يا غلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف] ( رواه الترمزي ) ) حسن صحيح )
الاستعانة : هي طلب العون أي المساعدة
وهو جائزة ومن جملة الأسباب التي يجوز للعبد الأخذ بها في قضاء حوائجه . بمعنى أنه يجوز للعبد أن يستعين بغيره لمساعدته في قضاء حوائجه بشروط : -
1-أن تكون فيما يقدر عليه العبد من الأمور المادية الظاهرة والتي جرت العادة بجريانها على أيدي الخلق مثل رفع حمل ثقيل أو عمل ما في الأعمال التي في قدرة الإنسان
2- وأن يكون هناك اعتقاد داخلي بأن هذا مما سببه الله عز وجل ولكن الأمر آخره في يد الله إن شاء أتمه وإن شاء عطله
3- ألا يكون فيما لا يقدر عليه العبد أي ألا يكون في الحاجات التي لم تجر العادة جرينها على أيدي الخلق مثل طلب الهداية وشفاء المرضى وحصول العافية من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة وغيرها من الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله
وهو معنى الحديث.
فإنه سواء استعنت بالعباد في الأمور الحسية المادية التي أقدرهم الله عليه أو بالله في الأمور المعنوية التي لا يقدر عليها إلا الله فإنه في الأمرين يجب اعتقاد كون الأمر بيد الله لا بيد غيره وإنما يسير الله الأسباب ويسببها لقضاء حوائج الخلق بعضهم ببعض . وهو ما وضحته الشروط الثلاثة السابقة في جواز الاستعانة بالخلق
الخوف :
قال تعالى{ إنما ذلكم الشيطان يخوف أوليائه فلا تخافوهم وخافون إن كنم مؤمنين } ( آل عمران : 175 )
* والخوف من أفضل مقامات الدين وأجلها وأجمع أنواع العبادة التي يجب إخلاصها لله تعالى
قال تعالى { وهم من خشيته مشفقون } ( الأنبياء : 28 )
وقال تعالى { يخافون ربهم من فوقهم } ( النحل : 50 )
وقال تعالى { ولمن خاف مقام ربه جنتان } ( الرحمن : 46 )
وقال تعالى { فإياي فارهبون } ( النحل : 51 )
وقال تعالى { فلا تخشوا الناس واخشون } ( المائدة : 44 )
* ومعنى قول الله تعالى { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياؤه }
أي يخوفكم أولياؤه { فلا تخافوهم وخافون }
فهذا نهي من الله تعالى للمؤمنين أن يخافوا غيره وأمرهم أن يقصروا خوفهم على الله فلا يخافون إلا إياه . وهذا هو الإخلاص الذي أمر الله به عباده ورضيه منهم فإذا أخلصوا له الخوف وجميع العبادة أعطاهم ما يرجون وأنهم من مخاوف الدنيا والآخرة
* والخوف من حيث هو على ثلاثة أقسام :
1- خوف السر:
--------------- وهو أن يخاف من غير الله من وثن أو طاغوت أن يصيبه بما يكره
كما قال تعالى عن قوم هود عليه السلام أنهم قالوا له
{ إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ً ثم لا تنظرون } ( هود : 54 )
وقال تعالى { ويخوفونك بالذين من دونه } ( الزمر : 36 )
وحيث أن هذا النوع من الخوف يتم عن اعتقاد داخلي بعدم قدرة الله على إزالة سبب الخوف وكون الله تعالى أعلى ممن يخاف وكونه أحق من يُخشى وأن لا أحد له القدرة على إلحاق الأذى به إلا بإذنه الله مصداقا ًلحديث معاذ [ واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ]
فيجب على العبد نفي هذا الخوف من قلبه لأنه خوف شركي حيث يعظم الشيطان أو أولياؤه في صدور الناس لئلا يجاهدوهم ولا يأمروهم بمعروف و ينهوهم عن منكر
وكلما قوى إيمان العبد زال خوف أولياء الشيطان منه وكلما ضعف إيمانه قوى خوفه منهم فإن إخلاص الخوف من كمال شروط الإيمان
2-خوف الناس :
-------------- أن يترك الإنسان ما يجب عليه خوفا ً من بعض الناس فهذا محرم وهو نوع من الشرك بالله المنافي لكمال التوحيد وهو سبب نزول الآية ( آل عمران : 173-175 )
قال تعالى :{ والذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا ً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل . فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء وابتغوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم . إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياؤه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين }
وفي الحديث :
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ لا يحقر أحدكم نفسه . قالوا يا رسول الله كيف يحقر أحدنا نفسه ؟ قال : يرى أمر لله فيه مقال ثم لا يقول فيه فيقول الله يوم القيامة : ما منعك أن تقول في كذا وكذا ؟ فيقول : خشيت الناس : فيقول : فإياي كنت أحق أن تخشى ] ( رواه ابن ماجة )
وقال سول الله صلى الله عليه وسلم ( فيما يروي عن عائشة رضي الله عنها )
[ من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس , ومن رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ] ( رواه بن حبان )
فإن من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط الله
فكما قال بن تيمية رحمه الله :
إن إرضاء الناس بسخط الله إما أن يكون
أ- ميل لما في أيديهم فيترك القيام فيهم بأمر الله لما يرجوه منهم
ب-ضعف تصديقه بما وعد الله أهل طاعته من النصر والتأييد والثواب في الدنيا والآخرة
فإنك إذا أرضيت الله نصرك ورزقك وكفاك نتننخ وإرضاؤهم بما يسخط الله إنما يكون خوفا ً منهم ورجاء لهم وذلك من ضعف اليقين وإذا لم يقدر لك ما تظن أنهم يفعلونه معك فالأمر في ذلك إلى الله لا لهم فإن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . فإن ذمتهم على ما لم يقدر الله كان ذلك من ضعف يقينك فلا تخفهم ولا ترجهم ولا تذمهم من جهة نفسك وهواك ولكن من حمده الله ورسوله منهم فهو المحمود ومن ذمه الله ورسوله منهم فهو المذموم
- وقد قال بن رجب الحنبلي رحمه الله :
فمن تحقق أن كل مخلوق فوق التراب فكيف يقدم طاعة من هو تراب على طاعة رب الأرباب ؟ أم كيف يرضى التراب بسخط الملك الوهاب ؟ إن هذا لشيء عجاب
فاحذ ركل الحذر من إرضاء الناس بسخط الله فإن العقوبة قد تكون في الدين . عياذا ً بالله من ذلك
كما قال تعالى { وأعقبهم نفاقا ً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون } ( التوبة : 78 )
3- الخوف الطبيعي :
------------------ وهو الخوف من عدو أو سبع أو غير ذلك فهذا لا يذم كما قال تعالى في قصة موسى عليه السلام { فخرج منها خائفا ً يترقب } ( القصص : 21 )
فهو خوف مصحوب باعتقاد داخلي بكون الأمر كله لله ولا يستطيع أن يضره أحد إلا بما كتبه الله عليه وقدره له
*الرجاء والرغبة :
الرجاء : هو الأمل في الخير وترقب حصوله وانتظاره ممن يملكه ويقدر على تحقيقه
الرغبة : حب الخير وإرادته والطمع في تحصيله ممن يملكه ويقدر على إعطائه وهبته
( فالرغبة مثل الرجاء ) وكلاهما مما يُتعبد به الله
قال تعالى { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا ً صالحا ً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } ( الكهف : 110 )
وقال تعلى : { لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } ( الأحزاب : 21 )
وقال تعالى : { ويدعوننا رغبا ً ورهبا ً وكانوا لنا خاشعين } ( الأنبياء : 90 )
وأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالرغبة إليه تعالى في قوله :
{ فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب } ( الشرح : 7,8 )
ولما كان الخير كله بيد الله وليس بيد أحد سواه وكان الله وحده القادر على إعطاء من يشاء من عباده وذلك لقوله تعالى :
{ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } ( آل عمران : 26 )
كان رجاء الخير ورغبته من غير الله تعالى ضلالا ً وباطلا ً وكان فاعله مشركا ً في هذه العبادة القلبية
فإن قيل : هل من الأفضل العبادة مع الخوف أو مع الرجاء ؟
قيل : قال الغزالي – رحمه الله – العبادة مع الرجاء أفضل لأن الرجاء يورث المحبة والخوف يورث القنوت
الإنابة :
هي الإقبال على الله تعالى والتوبة إليه
والإنابة عبادة أمر الله تعالى بها في قوله
{ وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له } ( الزمر : 54 )
وأخبر أنه تعالى يهدي إليه من ينيب وأمر بإتباع سبيل من أناب إليه . جاء ذلك في كتابه القرآن الكريم , ولما لم يكن في الخلق كله من يعطي أو يمنع أو ينفع أو يضر إلا بإذنه ولا من يسعد أو يشقي إلا الله سبحانه وتعالى كان من غير المقبول ولا المعقول أن ينيب المرء إلى غير الله تعالى رغبا ً ورهبا ً خوفا ً أو طمعا ً .
وكانت الإنابة إلى غير الله عز وجل باطلا ً وشركا ً وكان من أناب إلى غير الله تعالى تائبا ً إليه راجيا ً الخير منه خائفا ً من سخطه أو عقابه قد أشرك

ثالثا التبرك
التبرك
*إن التبرك من الأشياء التي سيئ فهمها فباسم التبرك وتحت شعاره عبدت الأشجار والأحجار والقبور
والتبرك : مصدر تبرك بالشيء يتبرك به تبركا إذا تيمن به
والتيمن هو طلب اليمن والبركة
والبركة هي النماء في الخير والزيادة يه وإشتقائها من بروك البعير وهو إستناخته في موضع ولزومه يه
فالخير الدائم الثابت في الشيء والنامي فيه هو البركة
والبركة في عرف الدين :
ما يجعله الله تعالى م الخير في الشيء الذي يباركه
فقد أخبر الله تعالى أنه بارك في أرض الشام أي جعلها مباركة في قوله تعالى :{ ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين } ( الأنبياء : 71 )
وأخبر أنه جعل كتابه مباركا { كتاب أنزلناه إليك مبارك ...... } ( ص : 29 )
والمعنى كثير خيرهما دائم لهما ثابت فيهما
وأخبر عيسى عليه السلام عند تكلمه في المهد أن الله تعالى جعله مباركا أيما كان { وجعلني مبارك أينما كنت }( مريم : 31 )
ومن الأدعية المأثورة [ وبارك لي فيما أعطيتني ]
وعلى هذا فطلب البركة والتماسها أمر نستحسن شرعا لأنه من طلب الخير والتماسه
ومن ذا يرغب عن طلب الخير أو يكون له غني عن بركة الله ؟
ولكن بما يكون التبرك وكيف يكون ؟
بما يكون التبرك :
يكون التبرك بما علم شرعا أن فيه بركة وأذن الشارع في طلبها والتماسها فيه وذلك كبيت الله الحرام وزمزم الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ماء زمزم طعامُ طعمٌ وشفاءُ سقمٌ ]
وكالمساجد الثلاثة التي لا يشد الرحال إلا لها وككل المساجد التي بنيت باسم الله وتقام فيها عبادة الله من صلاة وغيرها وكالأرض المقدسة من الحجاز والشام وكمجالس العلم والذكر وقراءة القرآن ومجالسة الصالحين ومرافقتهم في أسفارهن وطلب دعائهم
كيف يكون التبرك :
فإنه يكون إن كان ببيت الله تعالى فبزيارته للحج والعمرة وبالطواف به واستلام ركنيه والدعاء عنده والجلوس حوله وإن كان بزمزم فبالشرب منه والدعاء عند ذلك وإن كان بالمساجد الثلاثة فبالسفر إليها للصلاة فيها والاعتكاف بها وإن كان بسائر الساجد فبالصلاة فيها والعبادة بها من ذكر وتسبيح وقراءة قرآن
وطلب العلم , وإن كان بالأرض المقدسة فبالإقامة بها على حسن سيرة وكمال أدب والحياة فيها والموت بها والدفن فيها وإن كان مجالسة الصالحين من أهل العلم والإيمان والتقوى فبأخذ العلم عنهم سماع نصائحهم والعمل بإرشادهم وتوجيهاتهم والرغبة في الحصول على دعائهم
من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما أو قبر :
فهو مشرك
* قال تعالى { اللات والعزة ومناة الثلاثة الأخرى } ( النجم : 19-23 )
- فقد سموا ( اللات : من الإله ) وكانت لثقيف وهي صخرة بيضاء منقوش عليها بيت الطائف له أستار وسدته وحوله فناء معظم عند ثقيف وهم أهل الطائف
وقد ذكره البخاري في قول بن عباس ( كان السويق والسمن عند صخرة ويسألوه عليها فلما مات ذلك الرج عبدت ثقيف تلك الصخرة إعظاما لصاحب السويق )
- ( والعزى من العزيز ) وهي شجرة عليها بناء وأستار بين مكة والطائف كانت قريش تعظمهما
- (ومناة ) كانت بين مكة والمدينة وكانت خزاعة والأوس والخزرج يعظمونها ( والمناة من المنان )
* وفي حديث أبي واقد الليثي قال [ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حد ثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى{ اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون }
- وقد كان الصحابة حد ثاء عهد بكفر وفيه دليل على أن غيرهم ممن تقدم إسلامه من الصحابة لا يجهل ذلك وقد سألوه أن يجعل م إلها ظنا منهم أن هذا أمر محبوب عند الله فهم أجل من أن يقصدوا مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم
- وفي الحديث أن الإنسان قد يحسن شيئا يظن انه يقربه إلى الله وهو أبعد ما يبعده من رحمته وبقربه من سخطه
- وقد طلبوا ذلك ولم يفعلوه ولو فعلوه لكفروا علاوة على كونهم حد ثاء عهد بكفر
· وبعد أن بينا ما يشرع به التبرك وكيف يتم التبرك به وأمثلة من التبرك الباطل فيحسن أن نذكر بعض الحقائق الهامة
1- ان التبرك لم يتعدى كونه مشروعا وأقصى درجات حكمه أن يكون مستحبا لا غير
2- إن كان التبرك وهو طلب بركة ما قد يؤدي إلى فعل مكروه أو ارتكاب محرم فإنه يجب تركه لأن ( درء المفاسد مقدم على جلب المنافع ) فقد أمر عمر رضي الله عنه بقطع الشجرة التي تم تحتها بيعة الرضوان لما رأى رغبة الناس عند مرورهم بالحديبية في النزول تحت هذه الشجرة وذلك مسما لمادة الفساد من باب ( سد الذرائع )
3- إن ما يفعله الجهلة اليوم من شد الرحال إلى زيارة قبر فلان من سيد أو صالح والعكوف عنده بإسم التبرك فكل هذا باطل منهي عنه ولم يشرع للمسلمين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد من بعدي ]
4- وقال صلى الله عليه وسلم [ لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ]
فإذا كان هذا في حق النبي فهو فيحق غيره أولى ألا يفعل
5- إذا كان الرجل يدعي الولاية ويدعوا الناس إلى الاعتراف له بها ويستغل ذلك لفائدته الشخصية من جلب منافع خاصة من جاه أو مال أو غير ذلك من الحظوظ النفسية والدنيوية فإن مثل هذا الرجل رجال لا بركة فيه ولا غير عنده مثلا تحل زيارته ولا مجالسته وذلك لفقد موجبات البركة وهي العلم والإيمان والتقوى
رابعا الذبح
الذبـــــح
قال تعالى { قل إن صلاتي تسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }
( الأنعام :162-163 )
وقال تعالى { فصلي لربك وانحر } ( الكوثر : 2 )
ومما سبق يتضح أن الذبح عبادة يتعبد بها الله تعالى كتعبده بالصلاة فإذا تقرب إلى غير الله بالذبح فقد جعل لله شريكا
فإن الله عز وجل شرع في كتابه ذبح القربان الذي يتقرب به إليه تعالى كالهدي في الحج وضحايا يوم عيد الأضحى وشاة العقيقية يوم سابع المولود وذبائح وليمة العرس وما يذبح صدقة على الفقراء والمساكين فإذا كان الذبح لغير الله تعالى تعظيما له وخوفا ورجاءا فقد عبد بهذه العبادة وأشرك مع الله عز وجل واستحق لعنة الله عز وجل وهي الطرد من رحمته
عن علي ابن أبي طالب قال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوصاني بأربع كلمات [ لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من لعن والديه ولعن الله من أوى محدثا ولعن الله من غير منار الأرض ]
وقد قال تعالى في سورة الأنعام { وما أهل لغير الله به }
أصل الإهلال رفع الصوت ولإعلام
فالمقصود بما أهل لغير الله به : ما أعلن أنه منذور به لغير الله سواء كان الإهلال قبل الذبح أو بعده كذلك جميع الطعام الذي ينذر قربة لغير الله كالذي يوزع للعاكفين عند القبور
- وقد قال ابن تيمية في تفسير قوله تعالى { وما أهل لغير الله به }
ظاهره أنه ما ذبح لغير الله مثل أن يقول : هذا ذبيحة لكذا وإذا كان هذا هو المقصود فسواء لفظ به أو لم يلفظ وتحريم هذا أظهرمن تحريم ما ذبحه للصنم وقال فيه بإسم المسيح أو نحوه
كما أن ما ذبحناه متقربين به إلى الله كان أزكى وأعظم مما ذبحناه للحم وقلنا عليه : بسم الله
فإذا حرم ما قيل فيه بسم المسيح أو الزهرة أو قصد به ذلك أولى فلإن العبادة لغير الله أعظم من الإستعانة لغير الله وعلى هذا فلو ذبح لغير الله متقربا إليه محرم وإن قال فيه بسم الله كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة الذين يتقربون إلى الكواكب بالذبح والبخور ونحو ذلك وإن هؤلاء مرتدين لا تباح ذبيحتهم لكن يجتمع في الذبيحة مانعان
1- أنه مما أهل به لغير الله
2- أنها ذبيحة مرتد . انتهى
ومن هذا الباب ما يفعله الجاهلون من الذبح للجن كأن يذبحوا خوفا أن تصيبهم الجن وكذلك ذكر بعض أهل العلم أن ما ذبح عند استقبال السلطان تقربا إليه محرم لأنه مما أهل به لغير الله
وعن طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ دخل الجنة رجل في ذباب و دخل النار رجل في ذباب قالوا و كيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا فقالوا لأحدهما : قرب قال : ليس عندي شئ أقرب قالوا له : قرب ولو ذبابا فقرب ذبابا فخلوا سبيله فدخل النار وقاوا للآخر: قرب فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل فضربوا عنقه فدخل الجنة [
- وفي هذا الحديث التحذير من الوقوع في الشرك وأن الإنسان قد يقع فيه وهو لا يدري لأنه لم يقصده ابتداء وإنما فعله تخلصا من شر أهل الشرك وفيه بيان عظم الشرك ولو في شيء قليل وأنه يوجب النار لأنه قصد غير الله بقلبه أو انقاد بعمله فوجبت له النار
لا يذبح لله بمكان بذبح فيه لغير الله
فعن ثابت بن الضحاك قال : نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ قالوا : لا قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك بن آدم
وفيه المنع من الوفاء بالنذر بمكان عيد الجاهلية ولو بعد زواله
وفيه سد الذريعة وترك مشابهة المشركين والمنع مما هو وسيلة إلى ذلك
ملاحظة :
أول شرط من شروط الزكاة الشرعية أن يكون الذابح غير مشرك ولا مرتد عن الإسلام
قال تعالى { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق }
ثم استثنى فقال { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } يعني ذبيحة اليهودي والنصراني
( ذبائح المجوس والصابئين ) اختلف الفقهاء في بائح المجوس على اختلافهم في أصل دينهم فمنهم من رأى أنهم كانوا أصحاب كتاب فرفع كما روى عن علي كرم الله وجهه ومنهم من يرى أنهم مشركون والذين قالوا أنهم من ضمن أهل الكتاب أحلوا ذبائحهم وأدخلوهم تحت نطاق الآية ( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ) أما جمهور الفقهاء فإنهم حرموها لأنهم مشركون
عن عائشة رضي الله عنها أن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن قوما يأتوننا بالحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا فقال سموا عليه أنتم وكلوه قالت وكانوا حديثي عهد بكفر
والحديث عهد بكفر هم الذين قدموا الطعام وذبحوه هم مسلمون فكان يخشى السائلون أن يكونوا نسوا ذكر اسم الله عليه عند الذبح أو جهلوا ذلك لأنهم كانوا حديثي عهد بكفر فأخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يسموا هم عليه ويأكلوا لأن ذبيحة المسلم حلال
خامسا الوسيلة
الوسيلة
الوسيلة: اسم فعل وتوسل بمعنى تقرب ورغب
ويطلق لفظ الوسيلة على المنزل عند الملك وعلى الدرجة والقربة وأطلقت كذلك على أعلى درجة في الجنة وهي التي قال فيها رسول الله صل الله عليه وسلم [ ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وارجوا أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة]
والوسيلة في الشرع :
فهي العمل يقدمه المؤمن لله طلبا ً للقرب منه تعالى والحظوة لديه أو لقضاء حاجة بحصول نفع أو دفع ضر
وهذه الوسيلة الشرعية تبني على ثلاثة أمور:-
1- المتوسل إليه وهو الله ذو الفضل والإنعام
2- الواسل أو المتوسل وهو العبد المؤمن الضعيف الطالب القرب من الله أو الراغب في قضاء حاجة له من جلب نفع أو كشف ضر
3- المتوسل به وهو العمل الصالح المتقرب به إلى الله تعالى وهو الوسيلة
والوسيلة بهذا المعنى مشروعة مندوب إليها في كل زمان ومكان
قال الله تعالى { يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون } ( المائدة : 35 )
وقال تعالى : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه } ( الإسراء : 57 )
- الوسيلة جائزة وممنوعة :
والوسيلة منها ما هو جائزة ومنها ما هو ممنوع فالجائز منها هو كل وسيلة أذن فيها الشارع ندبا ً أو إباحة والممنوع منها ما لم يأذن فيه الشارع كراهة أو تحريما ً ولا فرق في ذلك بين التوسل إلى الأمور الدنيوية أو الأمور الأخروية فلا بد أن يأذن الشارع في جواز الوسيلة وإلا حرمت
* ومن أمثلة ذلك في الأمور الدنيوية :
· رجل خطب امرأة فأبت الزواج منه فرأى أن الوسيلة أن يذهب إلى ساحر ليجيبه إليها فهل هذه الوسيلة جائزة ؟ والجواب لا لأنها محرمة شرعا ً
· مريض وصف له شرب الخمر ليبرأ من مضه فهل هذه الوسيلة جائزة ؟ والجواب لا لأنها محرمة شرعا ً
· حكومة مسلمة قيل لها عن هناك كلابا ً بوليسية تكشف عن الجرائم فهل يجوز أن تستعملها في كشف الجرائم ؟
والجواب لا . لأن هذه الوسيلة محرمة إذ البينة لا تثبت إلا بشهادة عدلين من المسلمين أو باعتراف الجاني فكيف تقبل شهادة كلب
وهكذا فإن ما يجوز اتخاذه كوسيلة هو ما أذن به الشرع فقط فتجوز وسيلة التجارة والفلاحة والصناعة للحصول على المال ولا يجوز الربا الفشي والسرقة لجلب المال
ويجوز التداوي بالأدوية ولا يجوز التداوي بالسموم والنجاسات والمحرمات و يجوز استعمال الوسائل المحللة شرعا ً لاكتشاف
السرقات ولا يجوز استعمال الكلاب البوليسية ولا الكهانة ولا التنجيم
* وفي الأمور الإلهية :
إن المراد من التوسل في الأمور الإلهية هو التوسل إلى الله تعالى في أحد أمرين
أولها :- وهو أشرفهما وهو القرب من الله تعالى والحظوة لديه والمنزلة العالية عنده
ثانيهما :- قضاء الحاجات بجلب نفع أو دفع ضر وبعبارة أوضح هو التوسل إلى الله تعالى للحصول على مرغوب في الدنيا أو الآخرة والنجاة من مرهوب في الدنيا والآخرة
والتوسل إليه تعالى لا يكون إلا بما شرعه من العبادات والقربات وكل توسل إليه تعالى بغير ما شرعه هو توسل باطل ضار غير نافع
الوسائل المشروعة
------------------
1- الإيمان :-
قال تعالى { ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار }
( آل عمران : 18 )
2- الصلاة :
لقوله صلى الله عليه وسلم في الإجابة عن أحب الأعمال إلى الله فقال { الصلاة على وقتها }
3- الصيام :
لحديث أبا أمامة عندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم [دلني على عمل أدخل به الجنة . قال عليك بالصوم فإنه لا مثل له ]
ولقوله صلى الله عليه وسلم [ ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر والإمام العادل والمظلوم ]
4- الصدقة : -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ اتقوا النار ولو بشق تمرة ]
وقال { صنائع بالمعروف تقي مصانع السوء وصدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد العمر }
5- الحج :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ومن حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ]
6- الاعتمار :
لقوله صلى الله عليه وسلم
[ تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنب كما ينبفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ]
7- الجهاد والرباط :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ حرمت النار على عين دمعت أو بكي من خشية الله وحرمت النار على عين سهت في سبيل الله ]
8- تلاوة القرآن الكريم :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ خيركم من تعلم القرآن وعلمه ]
9- الذكر والتسبيح :
لقوله صلى الله عليه وسلم
[ ما عمل بن آدم عملا ً أنجى من العذاب من ذكر الله تعالى ]
10- الصلاة على النبي :
لقوله صلى الله عليه وسلم
[ من صلى على صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا ً ]
11- الاستغفار:
لقوله صلى الله عليه وسلم
[ من لزم الاستغفار جعل لله له من كل هم فرجا ً ومن كل ضيق مخرج ورزقه الله من حيث لا يحتسب ]
12- الدعاء :
قال تعالى [ ادعوني أستجب لكم ] ( غافر : 60 )
13- دعاء المؤمنين :
ومنه توسل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بدعاء العباس رضي الله عنه في صلاة استسقاء فأجابهم الله تعالى وسقاهم
14- أسماء الله تعالى وصفاته العليا :
وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك كثرة منها

- وقد سمع رجل يقول : يا ذا الجلال والإكرام : قال [ قد أستجيب لك فسل ]
- وقوله صلى الله عليه وسلم [ إن لله ملكا ً موكلا ً بمن يقول يا أحم الراحمين فمن قالها ثلاثا ً قال الملك : إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل ] .................وغير ذلك كثير من الأحاديث
15- فعل الخيرات وترك المحرمات :-
- وشاهد ذلك حديث النفر الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار في جبل فسقطت صخرة على فم الغار فسدته عليهم فقد توسل اثنان منهم ببر فعله لوجه الله ( بر الوالدين والأمانة ) وتوسل الثالث بترك إثم خوفا ً من الله ( عدم مواقعته لذات الحاجة ) فاستجاب الله لهم وكشف ما بهم
- ومن أماط غصن شوكة عن الطريق من بني إسرائيل خشية أن يصيب أحدا ً منهم فشكر الله له فغفر له وأدخله الجنة
- والمرأة البغي من بني إسرائيل التي سقت الكلب الذي كان يأكل الثرى من العطش فغفر الله لها وأدخلها الجنة
الوسائل المحرمة
----------------
وهي جملة من الوسائل الباطلة الممنوعة والتي شغلت الكثير من الناس عن الوسائل النافعة وصرفتهم عنها فحرموا من التوسل المشروع بسبب انشغالهم بالممنوع فخابوا في سعيهم
نذكر هذا نصحا ً للمسلمين وتبليغا ً لرسالة الإسلام وتعريفا ً بها بين المسلمين وغير المسلمين ومن هذه التوسلات الباطلة
1- دعاء الأولياء والصالحين :-
إن دعاء الصالحين والاستغاثة بهم والتوسل بجاههم لم يكن في دين الله تعالى قربة و عملا ً صالحا ً فيتوسل به أبدا ً وإنما كان شركا ً في عبادة الله محرما ً يخرج فاعله من الدين ويوجب له الخلود في جهنم
2- النذور للأولياء والصالحين :-
إن ما ينذره الجهلة ممن يسمون أنفسهم مسلمين وما هم بذلك من نذور للأولياء والصالحين من أموات المسلمين ليس وسيلة مشروعة لله للتقرب بها إليه تعالى و لقضاء الحاجات واستجابة الدعوات . فإن قول أحدهم ( يا سيدي يا فلان إن رزقني الله كذا أجعل لك كذا , يا سيدي يا فلان إن تحقق لي كذا أو تحصلت على كذا أجعل لك كذا) كل هذا نذر لغير الله وعبادة صرفت لغيره فصاحبها أتى بأخطر باب من أبواب الشرك والإسلام بريء من عمله
3- الذبائح على أرواح الأولياء :-
إن ما يذبح على أضرحة الأولياء وعلى المشاهد والقباب في المواسم التي تقام باسم أولئك الصالحين كل هذا ضلال وباطل وشرك وليس مما شرع الله تعالى لعبادة التوسل به وإنما هو من أعمال الجاهلية الأولى وشرك في عبادة الله تعالى
4- العكوف حول قبور الصالحين :-
ليس من التوسل المشروع نقل المرضى إلى أضرحة الأولياء ولا العكوف حول تلك الأضرحة والقبور ولا المبيت هناك ولا إقامة الحفلات والحضرات بل هو عمل فاسد لا يأتين إلا من سفه نفسه وجهل أكبر أصل من أصول دين الإسلام وهو توحيد الله بعبادته وحده دون ما سواه
5- سؤال الله بجاه فلان : -
ليس من التوسل إلى الله تعالى طلبا ً للقرب ولا لقضاء الحاجات سؤال الله تعالى بجاه أحد من خلقه كقول أحدهم : اللهم إني أسألك بجاه نبيك فلان أو عبدك فلان إذ هذا التوسل لم يعرفه دين الإسلام فلم يرد في كتابه ولا سنة رسوله والذي عرفه الإسلام وأمر به ودعا إليه هو سؤال الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وذلك كقول المسلم : ( ياالله , يا أرحم الراحمين , يا ذا الجلال والإكرام , يا حي يا قيوم) امتثالا ً لقوله تعالى {لله الأسماء الحسنى فادعوه بها } ( الأعراف : 180 )
أما سؤال الله تعالى بجاه فلان فإنه سؤال مبتدع لم يعرفه سلف هذه الأمة ولا صدرها الصالح وما كان من جنس البدع والأمور المحدثة فإنه لا يكون وسيلة تعطى بها الرغائب وتقضي بها الحاجات
6- سؤال الله تعالى بحق فلان :-
وهو ليس من التوسل المشروع بل هو من الممنوع إذ هذا التوسل لم يرد في الكتاب ولا السنة وهو من التوسلات المحدثة الباطلة التي نهى عنها سلف هذه الأمة وكرهوه للمسلمين وأنكروها إنكارا ً شديداً إذ ( لا حق لأحد على الله تعالى فيسأل به وإنما الله ذو فضل فيسأل من فضله ) كما قال تعالى { وسئلوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما ً } ( النساء: 32 )
وعلى المسلم أن يسأل الله بسؤال شرعي مأذون فيه مثل أن يقول
( اللهم إني أسألك بإيماني بك وبنبيك أو بكتابك أو بمحبتي لك أو لفلان نبيك أو عبدك أن تقضي حاجتي أو تفرج كربي أو ,......)
فإن هذا من التوسل المشروع الذي قد يكون سببا ً لإجابة الدعاء
تنبيهات هامة
------------
وهنا ثلاث شبه قد تعرض للمسلم عند الكلام على التوسل والوسيلة فيحسن التنبيه عليها وهي
1- حديث الضرير:-ونصه كما رواه الترمزي واحمد وغيرها بسند لا بأس به
[ أن رجلا ً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله أن يُعافيني . قال : إن شئت دعوت لك وإن شئت صبرت فهو خير لك فقال : ادعه . فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه في . قال : ففعل الرجل فبرأ ] أحمد ( 4/138 ) وغيره
- وجه الشبهة في الحديث أن يقول المرء فما دام الضرير قد علمه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة .........الخ فلم لا أفعل أنا مثله لقضاء حوائجي ؟ والجواب : أن نقول أن التوسل في هذا الحديث مركب من عدة أمور ولا يتم إلا بها وبعض هذه الأمور قد تعذر الحصول عليه بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ألا وهو دعاءه صلى الله عليه وسلم لأحدنا اليوم وشفاعته لنا عند الله تعالى في قضاء حاجاتنا وذلك لوفاته والتحاقه بالرفيق الأعلى .فلو قام أحدنا اليوم يقول : يا رسول الله ادع الله أن يقضي حاجتي لكان قوله باطلا ً وضلالا ً ولا معنى له إذ الرسول صلى اللهم عليه وسلم لا يسمعه ولا يراه و يدعوا الله تعالى له أبدا ً ولو قال أحدنا اليوم : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك ........الخ . لكان كاذبا ً في قوله . لأنه لم يقدم بين يدي دعائه الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوا له حتى يقول لله تعالى اللهم إني أتوجه إليك بنبيك اللهم شفعه في , إنما يقول هذا من قام الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوا الله تعالى له كما دعا للضرير
ومن هنا لم يبق هذا التوسل بتلك الكيفية جائزا ً ولا نافعا ً لفقد أعظم أركانه وأهم عناصر وهو دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم للمتوسل وعلى فرض أن قام أحد فتوسل به وبرأ من مرضه أو قضيت له حاجته فإن ذلك لا يدل على جوازه ومشروعيته إذ حاجته قد قضيت بقضاء وقدر كما قد يحصل لبعض الناس أن يعدوا ميتا ً ويتشفع به فتقض حاجته ويقول سيدي فلان قضى حاجتي والحقيقة أن وسيلة شرك محرم وما قضى له من حاجة إنما وافق فيه القدر فقط لا أن السيد دعا له وأن الله تعالى قد استجاب له
2- حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما: ونصه كما في البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقوا بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقينا قال : فيسقون
- ووجه الشبهة في هذا الحديث أن يقال : ما دام عم رضي الله عنه قال [ اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا ] وهو إقرار من عمر بأنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم فلم لا نتوسل نحن اليوم بالنبي صلى الله عليه وسلم
والجواب : أن نقول إن توسلهم رضوان الله عليهم بالنبي صلى الله عليه وسلم كان يطلبهم منه أن يدعوا الله تعالى لهم فيدعوا فيستجيب الله دعوته ويسقيهم كما قد حصل مرارا ً لا أنهم كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بذات النبي أو بجاهه صلى الله عليه وسلم فيقولون : اللهم إنا نتوسل إليك بنبيك أو بجاه نبيك والنبي غائب عنهم ولم يدعوا الله تعالى لهم إذ لو كان الأمر هكذا لما توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما أو يقول : اللهم إنا نتوسل إليك بنبيك أو بجاه نبيك فاسقنا . لم يقل عمر هذا لأنه يعلم أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم كان بدعائه لهم ولما توفى صلى الله عليه وسلم لم يبق ليدعوا الله تعالى لهم فكان يدعوا ويستجيب الله له فيسقون
ومن هنا كان من الجائز المشروع أن يقدم المسلمون مؤمنا ً صالحا ً يدعوا لهم عند الحاجات ولكن من غير الجائز أن يقدون ميتا ً أو غائبا ً لربهم ويقولوا : اللهم إنا نتوسل إليك بفلان أو بجاه فلان . لأن هذا كذب وباطل مادام الذي قدموه وسيلة لربهم غائبا ً أو ميتا ً لأن الغائب أو الميت لا يعرف عن حالهم ولا يسمع طلبهم من الدعاء ولا هو يدعوا لهم وإذا لم يدع لهم فيم تكون الإستجابة ؟؟؟
3- ما ورد من لفظ : ( اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك )
رواه أحمد ( 3 /12 )
والجواب : أن نقول إن هذا الحديث الذي ورد فيه هذا اللفظ حديث ضعيف والضعيف لا تؤخذ منه الأحكام فضلا ً عن مسألة تتعلق بالعقيدة كهذه مع إن هذا اللفظ لو صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما دل على سؤال الله تعالى بحق فلان أو فلان لأن معنى بحق السائلين عليك : اللهم استجب كما تستجيب للداعين لأنك قلت ادعوني استجيب لكم وذلك لأنه مادام تعالى قد أمر عباده بدعائه وواعدهم بالإستجابة فقال { وقال ربكم اعدوني استجب لكم } ( غافر : 60 ) أصبح لكل داع حق أن يطلب ربه بما وعده به لينجزه له فمن هنا لما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم عند خروجه من بيته للصلاة قال مستنجزا ً ربه وعده { اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا فهو قد سأل ربه بصفة من صفاته تعالى الفعلية وهي الإجابة للداعين والمثوبة للعاملين بطاعته الماشية إلى بيوته لأداء عبادته
ذكرنا هذا من باب التنزل والفرض وإلا فمادام الحديث ضعيفا ً فإنه لا يلتفت إليه ولا إلى من يتيح به شأنه شأن حديث قول آدم في الجنة لما اقترف الخطيئة : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي......إلخ
وحديث فاطمة بنت أسد أم علي رضى الله عنهما وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال بعد أن اضجع في قبرها [ الله الذي يحي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حاجتها ووسع مدخلا بحق نبيك والأنبياء الذين قبلي فإنك أرحم الراحمين ]
فإن هذه الأحاديث قد حكم أهل الحديث بضعفها وبطلانها فلا يُلتفت إليها ولا يعول عليها أو يحتج بها وفيما صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم من التوسلات المشروعة كفاية فلنأخذ ما صفا ولنترك ما كدر