اختلف أساتذة علم النفس في إيجاد تفسير واضح ،
يعتمد رؤية متكاملة دقيقة للتمييز بين المتشائم والمتفائل والواقعي .
طرحوا تفسيرات مختلفة ،
لا شك أنها تفسر بشكل صحيح المعنى المعتمد علميا ، ولكنها تفسيرات متوقعة ،
ويمكن القول أنها من النمط المعروف والتقليدي الذي لا تجديد فيه ،
ولا يعطي مقارنات عملية ، وتشبه تفسير الطب لتكاثر الخلايا السرطانية ،
الظاهرة معروفة ، ولكن لا أحد يعرف سبب خروج الخلية عن اتزانها
واختلال نشاطها الذي يقود إلى النمو المنفلت ،
هناك تفسيرات بلا نهاية ، كل تفسير يعبر عن اجتهاد صاحبه ، وقد تجد ألف تفسير وألف سبب ..
وكلها صحيحة وكلها لا تكفي لفهم الظاهرة وحصرها بنقاط متفق عليها من الجميع ..
لأن فهم الظاهرة يقود إلى معرفة علاجها ، وبالتالي تلاشيها أو صدها .
أحد الطلاب أصر أن يحصل على نموذج ملموس للمفاهيم الثلاثة المذكورة...
بينما أستاذه يصر أن التفسيرات المقدمة كافية وصحيحة في تفسير الظاهرة ،
الطلاب وجدوها فرصة للتخلص من الدرس الجاف ،
الأمر الذي فتح حوارا واسعا لم يتوقعه المحاضر ، وشعر نفسه ينجرف مع طلابه .
- مسألة بسيطة ...
قال المحاضر . ولكنه عاد لتفسيرات لا جديد فيها .
قال :
- المتشائم لا شيء يعجبه ، دائما يرى الشيء الناقص ،
ومهما اكتملت حياته وتحسن وضعه ، إلا انه يظل متمسكا بالنواقص ،
لا يرى غيرها ، وتصبح هي العنصر الأساسي .
يعتبر كل نجاحاته وتطور مكانته ناقصة وغير مكتملة ، وكل شيء حوله ناقص وكئيب من وجهة نظره ،
وكل ما يحصل علية هو دائما أقل مما يستحقه ،
وهو دائم الانتقاد ، لا شيء يراه كاملا ، حتى لو وقف امام المرآة لهجا نفسه .
وهو سريع الغضب أو يائس من مجرد وجوده .
بعد تأمل لم يطل لوجوه الطلاب لفحص تأثير شرحه عليهم ، واصل :
- أما المتفائل ، فهو إنسان مختلف بجوهره ، ونقيض تماما للمتشائم .
يرى بكل خطوة تقدما للأمام .. بكل يوم جديد مكسبا كبيرا ،
الأمر الذي يجعله دائم الإبتسام سعيدا بما يحصل عليه ، مهما كان صغيرا وغير ملموس ،
وحتى لو واجه أزمة ، نجده يميل إلى الثقة بأنها عابرة ، وغدا سيكون أفضل بالتأكيد ..
وإذا ليس غدا فبعد غد ... أو بعد بعد ..
وأضاف بعد أن قطع المسافة بعرض الصف وطوله ،
وهو يشعر بتجليه وإصابته الهدف بدقة :
- أما الواقعي فهو الذي يبرر النجاح والفشل بعوامل موضوعية .
كل ما يحدث له تفسيره . لا شيء يحدث بالصدفة .
دائما يرى الواقع في إطار من المعطيات ، وليس حسب أطماعه وميوله.
شعر المحاضر انه أوفي الموضوع حقه ، ونظر الى عيون الطلاب بنوع من التحدي والإفحام .
ولكن طالبة تتميز عادة بقلة المشاركة ، رغم تميزها التعليمي ،
اعترضت بالقول أن الموضوع الذي طرحه الأستاذ المحاضر هو
تفسير أقرب للأنماط التعليمية التقليدية غير المبنية على رؤية عملية ،
وأن موضوع التشاؤم والتفاؤل والواقعية لا يمكن تفسيرها فقط بخصائص اتفق عليها علماء النفس ،
لأن النفس البشرية أكثر تعقيدا واتساعا من كل عالم أطباء النفس .
نظر المحاضر إلى محياها الجميل وقال :
- قبل أن أسمع صوتك كنت متشائما بأني سأنهي الفصل الدراسي دون أن أسمعك مرة واحدة ،
ولكن تشاؤمي لم يكن بمكانه ،
والآن إنا متفائل أن أسمعك أكثر من مرة قبل انتهاء الفصل التعليمي .
واضاف ، وكأنه يبرر أقواله :
- في الواقع ممنوع أن يلجأ المرء إلى التشاؤم أو التفاؤل قبل أن يدرك الحالة الموضوعية للشيء ..
وان الواقعية أيضا أن لا يبني الإنسان توقعاته حسب الشيء الظاهر لعينيه .
ضحك طلاب الصف وقال أحدهم :
- أجدت يا أستاذ...
ولكن عيون طلابة تقول : لا شيء جديد في قولك !!
الطالبة عبست ولم تتحرك قسمات وجهها .
كانت تقف أشبه باللبؤة. قالت بعد ان ساد الهدوء :
- لا جديد فيما تقوله استاذي ، اسمح لي ان اعارضك ،
انت زرعت فينا عنصر الشك في قبول الشيء قبل اثبات صحته ،
رغم اعترافي انك أستاذ بارع وسريع البديهة ، ودروسك شيقة وتعبئ دماغنا بمعلومات تنويرية رائعة ،
الا اننا نتوقع نموذجا عمليا لثلاثة أشخاص ، متشائم ومتفائل وواقعي سوية ،
ورد فعلهم المختلف ، على ظاهرة مشتركة شاركوا فيها بالتساوي.
كاد المحاضر يرد بعصبية لأن الموضوع حسب اعتباره تافه من أن يضيع عليه حصة كاملة
مليئة بنقاش استفزازي يظهره عاجزا عن التفسير بما يرضي ميول طلابه وعنجهيتهم وغرورهم ومحاولتهم إرباكه ،
ظنا منهم انه غافل عن ميولهم .
كان على قناعة أن المسألة لا تستحق أكثر مما قدمه حتى الآن .
ولكن وقفة الطالبة ، وصوتها الواثق القوي ، والضوء الذي يتلألأ في عينيها ،
أفهمه أنها ليست كما يظن ،او انها صامتة من ضعف معرفتها...
بل لأن عقلها هو الفعال ، تشتري ولا تبيع ، وعندما لمست أن المحاضر والطلاب يدورون في حلقة مفرغة ،
وقفت تتحدى ...
ويبدو أنها أذكى مما كان انطباعه عنها حتى الآن ،
ولا بد أنها تملك تفسيرا ملموسا ، سيرفع أسهمها بين الطلاب وعند أستاذها بالتأكيد .
والا ما تجرأت على تحديه السافر.
قال لنفسه : " المكتوب يقرأ من عنوانه ".
هذه الأفكار أعادت للمحاضر هدوئه ورغبته في سماع تعليلها ..
وقال بعد تفكير وعينيه لا تفارقان وجه طالبته العابس :
- أعتقد أن تفسيراتنا ، رغم صحتها ، تفتقر إلى نماذج تطبيقية .
أعترف أني لا أتذكر حادثة واحدة شارك بها النماذج الثلاثة وكيف تصرف كل واحد منهم .
ولكن يبدو أن زميلتنا الطالبة ( وشدد نظراته اليها فاحصا رد فعلها ) لديها إجابة عملية ملموسة ،
قد تضيف أمرا أكثر وضوحا لما فسرناه نظريا .
تفضلي .
ابتسمت الطالبة ابتسامة عريضة ، مزيلة عبوسها مؤكدة فوزها بالجولة الأولى
( قال المحاضر لنفسه : "عبوسها من باب التمثيل ويبدو ان صمتها من عمق معرفتها" )
وقالت وهي ترسم ابتسامة ذكرته بابتسامة الموناليزا الغامضة :
- سافرت مع والدي إلى أسبوع نقاهة في تركيا.
أثناء استراحتنا في مطعم جبلي ، قدمت لنا ثلاثة كؤوس كبيرة من الماء البارد ،
كان حجم الكأس أكبر من الكأس العادية بالضعف او أكثر ،
وربما لهذا السبب لم تملأ بالماء حتى حدها الأعلى وفقط لنصفها أو أكثر قليلا .
صمتت لتتمتع بصمت القاعة كما يبدو ، والإنصات الكامل لكلماتها :
- والدتي المتشائمة دائما ، عبست وهي تنظر لكأس الماء
وقالت :" كيف يقدمون كؤوسا نصف فارغة ، يتباخلون علينا بكاس مليء بالماء ؟"
وأرادت أن تستدعي الجرسون لتغسله بكلامها العصبي ، كما تفعل عادة وتسبب لنا الإرباك .
-إلا أن والدي المتفائل دائما سارع إلى مقاطعتها وتهدءتها
بالقول :"انظري جيدا يا عزيزتي .. الكأس كبيرة جدا وهي نصف ممتلئة ،
لا ضرورة لبهدلة الجرسون ، فلن تستطيعي شرب كل هذه الكمية من الماء .. "
وواصلت بعد ان تمهلت "لتنظم بقية روايتها في دماغها"
كما ظن المحاضر بينه وبين نفسه :
- كنت أعلم أن الصدام بين والدي المتفائل دائما ووالدتي المتشائمة سيحتد أن لم أسارع بالتدخل ، كالعادة ..
لوضع الأمور في مكانها الصحيح ، قلت بسرعة ، بواقعيتي التي تعلمتها من النقيضين أمي وأبي :
" اعتقد أن المشكلة يا أمي حجم الكأس ، الكأس أكبر من الحجم الذي نستعمله لشرب الماء ،
لذلك كمية الماء لا غبار عليها .. الكأس ضعفي الحجم العادي ".
فأضحكتها ضحكة سوداوية تعني أنها ستصمت رغم أنها لم تقتنع ..
وضج الصف بالتصفيق والضحك ،
والمعلم يصيح : "اعترف انك فاجأتيني ، ببساطة ، تفسير رائع !"
يعتمد رؤية متكاملة دقيقة للتمييز بين المتشائم والمتفائل والواقعي .
طرحوا تفسيرات مختلفة ،
لا شك أنها تفسر بشكل صحيح المعنى المعتمد علميا ، ولكنها تفسيرات متوقعة ،
ويمكن القول أنها من النمط المعروف والتقليدي الذي لا تجديد فيه ،
ولا يعطي مقارنات عملية ، وتشبه تفسير الطب لتكاثر الخلايا السرطانية ،
الظاهرة معروفة ، ولكن لا أحد يعرف سبب خروج الخلية عن اتزانها
واختلال نشاطها الذي يقود إلى النمو المنفلت ،
هناك تفسيرات بلا نهاية ، كل تفسير يعبر عن اجتهاد صاحبه ، وقد تجد ألف تفسير وألف سبب ..
وكلها صحيحة وكلها لا تكفي لفهم الظاهرة وحصرها بنقاط متفق عليها من الجميع ..
لأن فهم الظاهرة يقود إلى معرفة علاجها ، وبالتالي تلاشيها أو صدها .
أحد الطلاب أصر أن يحصل على نموذج ملموس للمفاهيم الثلاثة المذكورة...
بينما أستاذه يصر أن التفسيرات المقدمة كافية وصحيحة في تفسير الظاهرة ،
الطلاب وجدوها فرصة للتخلص من الدرس الجاف ،
الأمر الذي فتح حوارا واسعا لم يتوقعه المحاضر ، وشعر نفسه ينجرف مع طلابه .
- مسألة بسيطة ...
قال المحاضر . ولكنه عاد لتفسيرات لا جديد فيها .
قال :
- المتشائم لا شيء يعجبه ، دائما يرى الشيء الناقص ،
ومهما اكتملت حياته وتحسن وضعه ، إلا انه يظل متمسكا بالنواقص ،
لا يرى غيرها ، وتصبح هي العنصر الأساسي .
يعتبر كل نجاحاته وتطور مكانته ناقصة وغير مكتملة ، وكل شيء حوله ناقص وكئيب من وجهة نظره ،
وكل ما يحصل علية هو دائما أقل مما يستحقه ،
وهو دائم الانتقاد ، لا شيء يراه كاملا ، حتى لو وقف امام المرآة لهجا نفسه .
وهو سريع الغضب أو يائس من مجرد وجوده .
بعد تأمل لم يطل لوجوه الطلاب لفحص تأثير شرحه عليهم ، واصل :
- أما المتفائل ، فهو إنسان مختلف بجوهره ، ونقيض تماما للمتشائم .
يرى بكل خطوة تقدما للأمام .. بكل يوم جديد مكسبا كبيرا ،
الأمر الذي يجعله دائم الإبتسام سعيدا بما يحصل عليه ، مهما كان صغيرا وغير ملموس ،
وحتى لو واجه أزمة ، نجده يميل إلى الثقة بأنها عابرة ، وغدا سيكون أفضل بالتأكيد ..
وإذا ليس غدا فبعد غد ... أو بعد بعد ..
وأضاف بعد أن قطع المسافة بعرض الصف وطوله ،
وهو يشعر بتجليه وإصابته الهدف بدقة :
- أما الواقعي فهو الذي يبرر النجاح والفشل بعوامل موضوعية .
كل ما يحدث له تفسيره . لا شيء يحدث بالصدفة .
دائما يرى الواقع في إطار من المعطيات ، وليس حسب أطماعه وميوله.
شعر المحاضر انه أوفي الموضوع حقه ، ونظر الى عيون الطلاب بنوع من التحدي والإفحام .
ولكن طالبة تتميز عادة بقلة المشاركة ، رغم تميزها التعليمي ،
اعترضت بالقول أن الموضوع الذي طرحه الأستاذ المحاضر هو
تفسير أقرب للأنماط التعليمية التقليدية غير المبنية على رؤية عملية ،
وأن موضوع التشاؤم والتفاؤل والواقعية لا يمكن تفسيرها فقط بخصائص اتفق عليها علماء النفس ،
لأن النفس البشرية أكثر تعقيدا واتساعا من كل عالم أطباء النفس .
نظر المحاضر إلى محياها الجميل وقال :
- قبل أن أسمع صوتك كنت متشائما بأني سأنهي الفصل الدراسي دون أن أسمعك مرة واحدة ،
ولكن تشاؤمي لم يكن بمكانه ،
والآن إنا متفائل أن أسمعك أكثر من مرة قبل انتهاء الفصل التعليمي .
واضاف ، وكأنه يبرر أقواله :
- في الواقع ممنوع أن يلجأ المرء إلى التشاؤم أو التفاؤل قبل أن يدرك الحالة الموضوعية للشيء ..
وان الواقعية أيضا أن لا يبني الإنسان توقعاته حسب الشيء الظاهر لعينيه .
ضحك طلاب الصف وقال أحدهم :
- أجدت يا أستاذ...
ولكن عيون طلابة تقول : لا شيء جديد في قولك !!
الطالبة عبست ولم تتحرك قسمات وجهها .
كانت تقف أشبه باللبؤة. قالت بعد ان ساد الهدوء :
- لا جديد فيما تقوله استاذي ، اسمح لي ان اعارضك ،
انت زرعت فينا عنصر الشك في قبول الشيء قبل اثبات صحته ،
رغم اعترافي انك أستاذ بارع وسريع البديهة ، ودروسك شيقة وتعبئ دماغنا بمعلومات تنويرية رائعة ،
الا اننا نتوقع نموذجا عمليا لثلاثة أشخاص ، متشائم ومتفائل وواقعي سوية ،
ورد فعلهم المختلف ، على ظاهرة مشتركة شاركوا فيها بالتساوي.
كاد المحاضر يرد بعصبية لأن الموضوع حسب اعتباره تافه من أن يضيع عليه حصة كاملة
مليئة بنقاش استفزازي يظهره عاجزا عن التفسير بما يرضي ميول طلابه وعنجهيتهم وغرورهم ومحاولتهم إرباكه ،
ظنا منهم انه غافل عن ميولهم .
كان على قناعة أن المسألة لا تستحق أكثر مما قدمه حتى الآن .
ولكن وقفة الطالبة ، وصوتها الواثق القوي ، والضوء الذي يتلألأ في عينيها ،
أفهمه أنها ليست كما يظن ،او انها صامتة من ضعف معرفتها...
بل لأن عقلها هو الفعال ، تشتري ولا تبيع ، وعندما لمست أن المحاضر والطلاب يدورون في حلقة مفرغة ،
وقفت تتحدى ...
ويبدو أنها أذكى مما كان انطباعه عنها حتى الآن ،
ولا بد أنها تملك تفسيرا ملموسا ، سيرفع أسهمها بين الطلاب وعند أستاذها بالتأكيد .
والا ما تجرأت على تحديه السافر.
قال لنفسه : " المكتوب يقرأ من عنوانه ".
هذه الأفكار أعادت للمحاضر هدوئه ورغبته في سماع تعليلها ..
وقال بعد تفكير وعينيه لا تفارقان وجه طالبته العابس :
- أعتقد أن تفسيراتنا ، رغم صحتها ، تفتقر إلى نماذج تطبيقية .
أعترف أني لا أتذكر حادثة واحدة شارك بها النماذج الثلاثة وكيف تصرف كل واحد منهم .
ولكن يبدو أن زميلتنا الطالبة ( وشدد نظراته اليها فاحصا رد فعلها ) لديها إجابة عملية ملموسة ،
قد تضيف أمرا أكثر وضوحا لما فسرناه نظريا .
تفضلي .
ابتسمت الطالبة ابتسامة عريضة ، مزيلة عبوسها مؤكدة فوزها بالجولة الأولى
( قال المحاضر لنفسه : "عبوسها من باب التمثيل ويبدو ان صمتها من عمق معرفتها" )
وقالت وهي ترسم ابتسامة ذكرته بابتسامة الموناليزا الغامضة :
- سافرت مع والدي إلى أسبوع نقاهة في تركيا.
أثناء استراحتنا في مطعم جبلي ، قدمت لنا ثلاثة كؤوس كبيرة من الماء البارد ،
كان حجم الكأس أكبر من الكأس العادية بالضعف او أكثر ،
وربما لهذا السبب لم تملأ بالماء حتى حدها الأعلى وفقط لنصفها أو أكثر قليلا .
صمتت لتتمتع بصمت القاعة كما يبدو ، والإنصات الكامل لكلماتها :
- والدتي المتشائمة دائما ، عبست وهي تنظر لكأس الماء
وقالت :" كيف يقدمون كؤوسا نصف فارغة ، يتباخلون علينا بكاس مليء بالماء ؟"
وأرادت أن تستدعي الجرسون لتغسله بكلامها العصبي ، كما تفعل عادة وتسبب لنا الإرباك .
-إلا أن والدي المتفائل دائما سارع إلى مقاطعتها وتهدءتها
بالقول :"انظري جيدا يا عزيزتي .. الكأس كبيرة جدا وهي نصف ممتلئة ،
لا ضرورة لبهدلة الجرسون ، فلن تستطيعي شرب كل هذه الكمية من الماء .. "
وواصلت بعد ان تمهلت "لتنظم بقية روايتها في دماغها"
كما ظن المحاضر بينه وبين نفسه :
- كنت أعلم أن الصدام بين والدي المتفائل دائما ووالدتي المتشائمة سيحتد أن لم أسارع بالتدخل ، كالعادة ..
لوضع الأمور في مكانها الصحيح ، قلت بسرعة ، بواقعيتي التي تعلمتها من النقيضين أمي وأبي :
" اعتقد أن المشكلة يا أمي حجم الكأس ، الكأس أكبر من الحجم الذي نستعمله لشرب الماء ،
لذلك كمية الماء لا غبار عليها .. الكأس ضعفي الحجم العادي ".
فأضحكتها ضحكة سوداوية تعني أنها ستصمت رغم أنها لم تقتنع ..
وضج الصف بالتصفيق والضحك ،
والمعلم يصيح : "اعترف انك فاجأتيني ، ببساطة ، تفسير رائع !"