عندما تجلس وتفكر بأنك في حاجة إلى أن تدير مديرك، فهذا يعني أن أحدكما أو كليكما غير فعَّال. فالتفكير في طرق وأساليب إدارة المدير هي من المداخل التي نستخدمها في "إدارة التغيير"، والتي تعني أنك لست راضيًا عن الوضع القائم نظرًا إلى وجود سلبيات، أو أنك تطمح إلى تحسين الأداء والإنتاجية مدفوعًا بما يحدوك من طموحات.

عندما تفكر في إدارة مديرك فأنت تفكر بدايةً في تغيير سلوكه من خلال التأثير فيه تأثيرًا إيجابيًا. وقد حددت – حتى الآن – خمس طرق لتغيير السلوك، وهي:

الجراحة: أي إجراء عملية جراحية في مخ المدير لإعادة تصنيعه، وهذه طريقة سهلة إذا كنت جراحَ مخ وأعصاب، وتملك السلطة "القاراقوشية" لفعل ذلك.

الصدمة: أي أن تدعو الله أن يتعرض مديرك لصدمة نفسية أو بدنية شديدة تجعله ينتبه فجأة وبعمق شديد إلى هِناته ونقاط ضعفه، فيتعاطف معك ويغير سلوكه لكي يرتاح منك، أو يريحك.
الإكراه: أي القوة الجبرية.. كأن تشتكيه إلى مديره الأعلى أو إلى القضاء وتحصل على حكم قطعي يجبره على التراجع عما لا يرضيك، ويصبح ملاكًا أو عبدًا مطيعًا يقول لك: "شبيك لبيك".

النُّصح: أو الإفادة الراجعة بأن نواصل إلقاء الدروس والعظات وسرد الحكايات دون كلل أو ملل، وهذه هي الطريقة الأسهل، لكنها الأطول.
القدوة: وهي الطريقة القيادية الأكثر فاعلية، ولكنها لا تؤتي أُكلها إلا مع من يتمتعون بذكاء عاطفي عالٍ؛ ولكن أيضًا – ويا للمفارقة – لا يستطيعها إلا الأذكياء عاطفيًا.
وبما أن "القدوة" هي المدخل الإيجابي الأعمق تأثيرًا في إدارتنا لمديرينا، فهذا يعني أولاً أن إدارتك لمديريك لا تختلف أبدًا عن إدارتك لموظفيك. عليك بدايةً ونهايةً أن تعي سلوكك أنت، لتتمكن من إدارة ذاتك. فأنت مثل مديرك – أو حتى لا تغضب – فإن مديرك مثلك؛ يخطئ ويصيب، ويغضب ويهدأ، ويعتقد دائمًا أنه على حق، ويعلن على رؤوس الأشهاد كل يوم خمس أو عشر مرات أنه يريد تحسين الأداء. وهو مثلي ومثلك؛ يعتقد جازمًا أن أخطاء الآخرين تنبع غالبًا من عيوبهم الداخلية، وأن أخطاءه تنتج دائمًا من مشكلات وظروف خارجية.

المديرون مثل الموظفين؛ أوقاتهم محدودة، وأعصابهم مشدودة. وهم ليسوا ملائكة من الأبرار ولا شياطين من الأشرار. فهم يغفلون ويحلمون، يبكون ويضحكون، يُحجِمون ويبادرون؛ مدفوعين بفطرتهم الإنسانية وطبيعتهم البشرية. ومن ثم فإن كل ما تستطيعه هو أن تدير علاقتك مع مديرك بطريقة إيجابية، وهذه مسؤوليتك أنت، لأن المسؤولية تقع دائمًا على من يُدركها لا على من يَتركها.

أفضل من كتب في "إدارة المدير كمدخل للتغيير" هو الدكتور "جون كوتر" مؤلف الكتاب الرائع: "عندما يذوب الجليد" وكتب: "قيادة التغيير" و"جوهر التغيير" و"قوة للتغيير". وهو يرى أن الخطوة الأولى لإدارة مديرك هي أن تعرف نفسك، ثم أن تتعرف على أهدافه الشخصية والمؤسسية، ونمطه في التعامل والعمل، ونقاط ضعفه لكي تغطيها، ونقاط قوته لكي تمتِّنها؛ فتمكنها. فإدارتك لمديرك يجب أن تستند إلى تفكيرك وتوجهك وسلوكك الإيجابي؛ وهذا يعني أن تذهب إليه: لتسأل لا لتجيب، ولتسمع لا لتقول، ولتعطي لا لتأخذ، ولتَحُل لا لتُعقِّد، ولتُيسِّر لا لتُعسِّر، ولتمزح لا لتمدح، ولتحاور لا لتناور، ولتبادر لا لتغادر.