نسبه وقبيلته

المسوربن مخزمة بن نوفل بن أهيب بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشيالزهري، وأمه عاتكة بنت عوف أخ *ت عبد الرحمن بن عوف، ممن أسلمت وهاجرت. وُلدبعد الهجرة بسنتين، وقدم به المدينة في عقب ذي الحجة سنة ثمانٍ، وشهد عامالفتح وهو ابن ست سنين، وتوفي النبي وهو ابن ثماني سنين[1].وكانت له مواقف مع رسول الله ؛ عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف،عن المسور بن مخرمة قال: أقبلت بحجر أحمله ثقيل وعليَّ إزار خفيف، قال:فانحل إزاري ومعي الحجر لم أستطع أن أضعه حتى بلغت به إلى موضعه، فقال رسولالله : "ارجع إلى ثوبك فخذه، ولا تمشوا عراة"[2].وجاء في سنن أبي داود عن المسور بن مخرمة أنه قال: قسم رسول الله أقبية ولم يعط مخرمة شيئًا، فقال مخرمة: يا بُنيَّ، انطلق بنا إلى رسول الله . فانطلقت معه، قال: ادخل فادعه لي. قال: فدعوته، فخرج إليه وعليه قباء منها، فقال: "خبأت هذا لك". قال: فنظر إليه، فقال: "رضي مخرمة"[3].


من مواقفه مع الصحابة

مواقف كثيرة قد حدثت بين المسور بن مخرمة وبين الصحابة رضوان الله عليهم، ومن هذه المواقف وقوفه مع عبد الله بن الزبير؛ حتى يتصالح مع خالته أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها).جاء في الدر المنثور أن عائشة -رضي الله عنها- حدثت: أن عبد الله بنالزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة: والله لتنتهين عائشة أو لأحجرنعليها. فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم. قالت عائشة: فهو لله نذر أن لاأكلم ابن الزبير كلمة أبدًا.فاستشفع ابن الزبير بالمهاجرين حين طالت هجرتها إياه، فقالت: والله لاأشفع فيه أحدًا أبدًا ولا أحنث نذري الذي نذرت أبدًا. فلما طال على ابنالزبير، كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وهما منبني زهرة، فقال لهما: أنشدكما الله إلا أدخلتماني على عائشة؛ فإنها لا يحللها أن تنذر قطيعتي. فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين عليه بأرديتهماحتى استأذنا على عائشة، فقالا: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته،أندخل؟ فقالت عائشة: ادخلوا. قالوا: أكلنا يا أم المؤمنين؟ قالت: نعم،ادخلوا كلكم.ولا تعلم عائشة أن معهما ابن الزبير، فلما دخلوا دخل ابن الزبير فيالحجاب واعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانعائشة إلا كلمته وقبلت منه، ويقولان: "قد علمت أن رسول اللهنهى عما قد علمت من الهجر، وأنه لا يحل للرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاثليال". فلما أكثروا التذكير والتحريج، طفقت تذكرهم وتبكي وتقول: إني قدنذرت والنذر شديد. فلم يزالوا بها حتى كلمت ابن الزبير، ثم أعتقت بنذرهاأربعين رقبة لله، ثم كانت تذكر بعدما أعتقت أربعين رقبة فتبكي حتى تبلدموعها خمارها.وموقف آخر مع عمر بن الخطاب t"عن المسور بن مخرمة أنه دخل هو وابن عباس على عمر بن الخطاب فقالا:الصلاة يا أمير المؤمنين بعد ما أسفر. فقال: نعم، لا حظَّ في الإسلام لمنترك الصلاة. فصلى والجرح يثعب دمًا"[4].واجتمعت جماعة فيما حول مكة في الحج وحانت الصلاة، فتقدم رجل من آل أبيالسائب أعجمي اللسان. قال: فأخره المسور بن مخرمة وقدَّم غيره، فبلغ عمربن الخطاب فلم يعرفه بشيء حتى جاء المدينة، فلما جاء المدينة عرفه بذلك،فقال المسور: أنظرني يا أمير المؤمنين أن الرجل كان أعجمي اللسان، وكان فيالحج، فخشيت أن يسمع بعض الحاج قراءته فيأخذ بعجمته. فقال: هنالك ذهبتبها. فقال: نعم. فقال: قد أصبت[5].وجاء في صحيح البخاري عن عمرو بن الشريد قال: وقفت على سعد بن أبي وقاص فجاء المسور بن مخرمة، فوضع يده على إحدى منكبي إذ جاء أبو رافع مولى النبيفقال: يا سعد، ابتع مني بيتي في دارك. فقال سعد: والله ما أبتاعهما. فقالالمسور: والله لتبتاعنهما. فقال سعد: والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمةأو مقطعة. قال أبو رافع: لقد أعطيت بها خمسمائة دينار، ولولا أني سمعتالنبي يقول: "الجار أحق بسقبه" ما أعطيتكها أربعة آلاف، وأنا أُعطى بها خمسمائة دينار، فأعطاها إياهم.وحدث أن عبد الله بن عباسوالمسور بن مخرمة أنهما اختلفا بالأبواء، فقال عبد الله بن عباس: يغسلالمحرم رأسه. وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه. فأرسلني ابن عباس إلى أبيأيوب الأنصاري أسأله عن ذلك، فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب،قال: فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليكعبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوبtيده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان يصب: اصبب، فصبَّعلى رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته يفعل.عن أم بكر أن مروان دعا المسور بن مخرمة يشهده حين تصدق بداره على عبدالملك، قال: فقال المسور: وترث فيها العبسية؟ قال: لا. قال: فلا أشهد.قال: ولم؟ قال: إنما أخذت من إحدى يديك فجعلته في الأخرى. فقال: وما أنتوذاك، احكم أنت إنما أنت شاهد. فقال: وكلما فجرتم فجرة شهدت عليها. قالعبد الملك: والعبسية كانت امراة مروان[6].دخل المسور بن مخرمة على مروان فجلس معه وحادثه، فقال المسور لمروان فيشيء سمعه: بئس ما قلت! فركضه مروان برجله، فخرج المسور. ثم إن مروان نامفأتي في المنام فقيل له: ما لك وللمسور {كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً} [الإسراء: 84].قال: فأرسل مروان إلى المسور، فقال: إني زجرت عنك في المنام، وأخبرهبالذي رأى. فقال المسور: لقد نهيت عنه في اليقظة والنوم، وما أراك تنتهي[7].