اهمية ودور الترجمة في حياة الأمم والشعوب
اللغة ولا شك أداة تواصل بين المتكلمين، تحمل حضارة الناطقين بها، تعبر عن حاجاتهم، وتعكس تقدمهم ورقيهم في شتى مجالات المعرفة. وهي بذلك تتبدل الأحوال لتستوعب الأحداث والمجريات. وأمام ما يعيشه العالم من تطور وأحداث عالمية أصبحت
الترجمة حاجة ملحة لمواكبة التقدم الحضاري.

للترجمة دور لا يستهان به في التواصل بين الأمم، تحقق مبدأ التواصل بين ألسنة بشرية مختلفة، وتتخطى عقبة الحاجز اللغوي الذي يقف أحياناً حائلاً أمام التفاعل مع الآخر والتحاور معه. وتتأكد الأهمية الاجتماعية والسياسية للترجمة في المجموعات التي تتكلم أكثر من لغة عموماً، وبذلك تتحقق سنة الله في خلق وحكمته التي وجه نظرنا إليها في القرآن الكريم حين قال: (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا …).



."الترجمة تعد الخيط الناظم الذي يربط بين المجتمعات ويدعم نسيج الحضارة الإنسانية وهي الجسر الذي يربط الشعوب المتباينة المتباعدة ويقرب بينها؛ فالتفاعل بين الثقافات والحضارات المختلفة يعتمد في الأساس على الترجمة، لا باعتبارها ترفاً فكرياً، بل باعتبارها حاجة إنسانية ملحة، فالترجمة هنا ذات أثر ثقافي يسهم في تشكيل الوعي وتنوع الموروث الثقافي والفكري العربي، ويعزز من وسائل فهم العالم الآخر واستيعاب ما فيه من تقدم ومعرفة.

هذا وللترجمة مدلولات ومعان إنسانية لتواصل البشرية عبر آلاف السنين، فكلّ دوّن هذا النتاج بلغته وليس من السهل نقل حضارة إلى أخرى إلا بمعرفة الإنسان للغة الإنسان الآخر وخير وسيلة لذلك هي الترجمة، ومن هنا بزغ دور ."الترجمة المهم والفارق في حوار الحضارات الذي يهدف إلى تقوية التواصل في فهم الحضارة في إطار من التعاون المبني على الاحترام المتبادل والأمانة والدقة.

إن الدور الذي تلعبه الترجمة في إثراء الحياة الاجتماعية والعلمية والثقافية لدى الأمم المختلفة هو أمر لا يمكن إنكاره أو تجاهله. فقد لعبت الترجمة دوراً حضارياً وثقافياً وعلمياً بدأ منذ بزوغ فجر التاريخ البشري، ولا تزال تقوم بدورها حتى وقتنا هذا وستستمر في أدائه ما بقي للبشر حياة على وجه الأرض. وإن المتتبع لتطور الحضارات الإنسانية وتنامي التقدم العلمي الإنساني يجد أن الترجمة ظاهرة تسبق كل إنجاز حضاري لأي أمة، ثم تستمر مواكبةً للنمو الحضاري لها. إن البلدان الناهضة الساعية والجادة للالتحاق بركب التقدم تهتم بنقل أسرار التكنولوجيا والصناعات والعلوم المختلفة إلى لغتها، وذلك حتى تصبح متاحة لأبنائها بلغتهم التي درجوا على استخدامها، لينتقلوا بعد ذلك إلى مرحلة التفكير والتطوير وإحراز التقدم والسبق. وقد وضع العالم المعاصر الدول النامية أمام تحد بالغ، وخيار بين الحياة من خلال مواكبة التطور العلمي المتواصل، أو الموت بين الركام، ووحدها الترجمة هي القادرة على بناء الجسور التي يمكن من خلالها عبور الإنجازات البشرية.