تأملات تربوية لحديث
(إن الحلال بيِّنٌ وإن الحرام بيِّن)

عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الحلال بيِّنٌ، وإن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب". (رواه البخاري ومسلم)

الشرح الإجمالي للحديث:
هذا الحديث يؤصل لضرورة التزام الورع، والورع هو ترك ما قد يضر في الآخرة، ويبين أن على المسلم تجنب الوقوع في الشبهات، والشبهات تشمل: ما يظن أنه حرام، وما يقارب من الحرام ويحوم حوله، وفي هذا الاجتناب سلامة للدين من الوقوع في الزلل، وسلامة للعرض من تطاول السفهاء.

الفوائد التربوية من الحديث:
1- الحرص على البعد عن مواطن الشبه والتهم، قال علي رضي الله عنه: إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره، فرب سامع نكرًا، لا تستطيع أن تسمعه عذرًا.

2- ضرورة الاعتناء بالقلب، فمن مهمات الأمور أن يمتلئ قلب العبد بالورع وخوف الوقوع في الحرام، فإن القلب إذا أكثر الوقوع في الشبهات أظلم عليه نور العلم، فوقع في الحرام، والنفس إذا قربت من المخالفة تدرجت إليها حتى تخلع ربقة التقوى، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾.

3- أن أكل الحلال الخالص، له أثر على الإيمان والقلب؛ لذا ذكر في أول الحديث: الحلال والحرام، وفي آخره: صلاح القلب وفساده، وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عما يلين القلب فقال: " أكل الحلال ".

4- في الحديث تأكيد على قاعدة سد الذائع.