منتدى فتكات - منتديات عالم حواء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى فتكات - منتديات عالم حواءدخول

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 4 )  Emptyسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 4 )

more_horiz
أما بعد ، فيا عباد الله :
نعود إلى الحديث عن سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
تهيأ أصحابه للهجرة ، وكان قبل هجرته بسنة أو بسنة وشهرين على المشهور وقعت له حادثة ، هذه الحادثة هي حادثة الإسراء والمعراج .
تحدثت عن هذه الحادثة فيما سبق من سنوات .
ولكنني أحببت أن أعيدها مرة أخرى من أجل أن أضيف إليها بعض المعلومات ، ومن أجل أن أبين عظمة ما جرى له عليه الصلاة والسلام في هذه الحادثة .
عندنا إسراء ومعراج
الإسراء : ما وقع في الأرض ، وذلك من مكة إلى بيت المقدس
المعراج :رحلة إلى السماء ، وهي الحاصلة من بيت المقدس إلى السماء
الإسراء والمعراج من أصول أهل السنة والجماعة ، من أصول الإيمان بالله ، وبالنبي عليه الصلاة والسلام .
ولذا نصّ أبو جعفر الطحاوي في طحاويته ، ونص ابن قدامة في لمعة الاعتقاد ، وهذان كتابان يتعلقان بالعقائد
نصا رحمهما الله على أن الإيمان بحادثة الإسٍراءوالمعراج من أصول الإيمان
هذا الإسراء والمعراج – كما ذكر ابن كثير، وابن القيم وابن حجر وغيرهم من العلماء المحققين ، ذكروا أنه وقع مرة واحدة ، والدليل على ذلك :
أن الله عز وجل فرض على النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الحادثة الصلاة ، ولو كانت هذه الحادثة مرارا فكيف يفرض الله عز وجل على هذه الأمة الصلاة مرات عديدة .
وحصل ذلك يقظة ، لأنه لو كان مناما لما أكبرته ولما أعظمته قريش ، ومعلوم أن النوم قد يرد فيه ما يرد

وحصل هذا بروحه وبدنه ليس بروحه فقط ، وإنما حصل بروحه وبدنه ، ويدل لذلك قول الله عز وجل : ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ))
وكلمة " العبد " تتضمن الروح والجسم .
وهذه الحادثة – عباد الله – ما أذكره عنها هو ما ورد في الصحيحين أو في أحدهما ، وما كان في غيرهما سأذكره إن شاء الله .
وما أذكره إما أن يكون صحيحا ، وإما أن يكون مسكوتا عليه عند بعض العلماء كابن حجر رحمه الله الذي يرى في الفتح يرى أن ما ذكره من حديث فهو مقبول عنده ،إما أن يكون صحيحا عنده ، وإما أن يكون حسنا
وذلك لأن هذه الحادثة وقعت فيها أحاديث ضعيفة و مختلقة ليست صحيحة
إذاً ما أذكره يكون صحيحا بإذن الله تعالى ، وغالبه في الصحيحين أو في أحدهما .
فجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيته ، وجاء في الصحيحين : " انه أتاه عند البيت "
وجاء عند مسلم : " أنه أتاه عند الحِجْر "أو " الحطيم " وكلاهما الحجر والحطيم بمعنى واحد كما قال ابن حجر رحمه الله
وجاء عند الطبراني :" أنه أتاه في بيت أم هانئ "
فيقول ابن حجر رحمه الله :" لا اختلاف بين هذه الروايات ، فإن الملك أتاه في بيت أم هانئ ، ونسب البيت إليه لكونه يسكنه عليه الصلاة والسلام ، ثم خرج به الملك من البيت وبه أثر النعاس إلى البيت ، ثم أتى به إلى الحجر أو إلى الحطيم وحصل ما حصل ".
وكان عليه الصلاة والسلام نائما بين عمه وابن عمه – كما جاء عند البخاري – كان نائما بين حمزة بن عبد المطلب وهو عمه ، وبين جعفر بن أبي طالب ، وهو ابن عمه .
فأتاه الملك وكان قبل ذلك قد انفرج سقف البيت
سقف البيت انفرج ، والعلماء لا يدعون ولا يذرون من سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا كلمة ولا حرفا ولا جملة حتى يقفوا عندها .
وإنني في مثل هذا المقام أعجب من ثلاثة ، ما رأيت مثل ثلاثة ، والخير في العلماء كلهم
ما رأيت مثل ثلاثة من العلماء ، أعجب لهؤلاء :
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
من يقرأ له يدرك عظمة القرآن ، وعظمة السنة فإنه إذا تحدث رحمه الله عن آية تجد الفهم الواضح الصريح بمراد الله عز وجل .
تجد عقلية هذا الرجل إذا تحدث في الرد على أهل البدع وأهل الفرق تجد عقلية بارزة .
إذا قرأت عن هذا الشخص ، وقرأت كلامه تعلق قلبك بكلام الله وبسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم
الثاني ابن حجر رحمه الله في الفتح :
هذا الرجل قام بشرح صحيح البخاري ، حتى قال بعض العلماء : إن شرح صحيح البخار ي؛ لأنه أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل
يقولون : شرحه دين على الأمة ما قضاه إلا ابن حجر
ولذا يقول بعض العلماء : " لا هجرة بعد الفتح "
هذا الكتاب عظيم ، جمع فيه المؤلف ؛ لأنه من المتأخرين جمع فيه من أقوال العلماء المتقدمين حتى لينقل عن ابن تيمية ، وينقل عن ابن القيم ، وينقل عن النووي ، وعمن تقدم من العلماء
إذا رأيت إلى هذه المقولات عجبت منها .
أضف إلى ذلك أن هذا الرجل يذكر روايات متعددة تفهمك مراد النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الرواية التي ذكرها البخاري رحمه الله .
إضافة إلى التعليقات الجميلة التي يأتي بها في كتابه .
ما رأيت من المعاصرين مثل الألباني رحمه الله في جمع الآثار والأحاديث
رجل لابد أن تعرف الأمة له قدره ـــــــــــ لم ؟
لأنه قرَّب السنة للأمة في هذا العصر
ولذا تجد أن هذا الرجل إذا تحدث عن الحديث أتى به وبرواياته ، وبمتابعاته وبشواهده ينبئك عن ذلك الوقت الذي قضاه رحمه الله من أجل ان يقرب السنة لهذه الأمة في هذا العصر
فرحمة الله على علماء المسلمين عامة.
الشاهد من ذلك :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم انفرج سقف بيته ــــ لم ؟
قال العلماء إشارة إلى أنه سيعرج به إلى العلو، وإشارة إلى أنه سيُشق صدره ، لأن الصدر هو الأعلى ، إشارة إلى أنه سيشق صدره ثم يلتئم
لأن البيت سقفه انفرج ثم عاد مرة أخرى ، فهذا فيه إشارة إلى أن صدر النبي عليه الصلاة والسلام سيُشق ثم يعاد مرة أخرى .
فجاء حبريل عليه السلام بـــ " طست من ذهب "
لماذا الذهب ؟
لماذا لم يكن هذا الإناء فضة أو نحاسا أو حديدا ؟
قال بعض العلماء : لأن الذهب إشارة – من مدلول كلمته - إشارة إلى ما سيذهبه الله عز وجل من الرجز الذي يكون في قلب النبي عليه الصلاة والسلام .
وقال بعض العلماء : إشارة إلى أنه سيذهب من مكة إلى بيت المقدس
وقال بعض العلماء : إشارة إلى نضارته ولمعانه فيحصل في قلب النبي عليه الصلاة والسلام نضارة ، أي والله .
أما استخدام الذهب :
فإما أن يكون استخدامه قبل تحريمه ، وهذا محتمل ، وهو احتمال كبير.
وإما أنه من فعل جبريل وهذا من الأمور الغيبية التي لا دخل لعقل الإنسان بها، فما عليه إلا التسليم والانقياد
فقام جبريل الذي أحضر هذا الطست من الذهب ، وقد مُلئ بالإيمان والحكمة ، قام فشقّ صدر النبي صلى الله عليه وسلم من صدره من النحر إلى أسفل البطن ، فغسله بماء زمزم ، ثم أتى بالإيمان والحكمة فأفرغهما في صدره عليه الصلاة والسلام ، ثم أعاده
ولذا يقول أنس رضي الله عنه – كما عند مسلم - : " كنتُ أرى أثر المخيط في صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم "
يقول ابن حجر رحمه الله : " وقع شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات :
المرة الأولى : يوم أن كان طفلا ، كان مسترضعا في بني سعد ، وقد ذكرت ذلك – كما جاء في صحيح مسلم لما كان غلاما ، وأخرج منه علقة ، وقال : " هذه حظ الشيطان منك "
ثم يقول ابن حجر رحمه الله : ووقع مرة ثانية لما أراد الله عز وجل أن يختاره لنبوته في سن الأربعين لكي يتلقى الرسالة بقلب كامل التطهير.
ثم وقع مرة ثالثة في " حادثة الإسراء والمعراج " من باب زيادة التطهير ؛ لأنه سيناجي الله عز وجل .
يقول بعض العلماء : هذا من خوارق العادات ؛ لأن مثل شق القلب ، وإخراج القلب منه ثم تنظيفه لا يحصل معه حياة ، لكن لما حصل هذا ، كان هذا من باب خوارق العادات .
ولو قال قائل :ألا يقدر الله عز وجل أن يملأ قلب النبي عليه الصلاة والسلام إيمانا وحكمة من غير أن يشق صدره عليه الصلاة والسلام ؟

الجواب :
بلى ، قادر عز وجل ((إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))
لكن لماذا شُق صدره عليه الصلاة والسلام ؟
من أجل أن يقوى إيمانه ،وان يطمئن ، فإنه عليه الصلاة والسلام لما يرى أن بطنه قد شُق ثم أُخرج قلبه زاده ذلك إيمانا وطمأنينة فأمن من المخاوف التي ربما تحصل له في مثل هذه الحادثة .
ولذا لما عُرج به إلى السماء كان ثابت القلب عليه الصلاة والسلام فزكَّاه ربه : {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى }
وشق الصدر ، يقول ابن حجر رحمه الله : " قد شاركه الأنبياء في مثل هذا" وعزى هذا الأثر إلى معجم الطبراني وسكت عنه .
ومعلوم أن ابن حجر قاعدته في الفتح : أنه إذا سكت – كما نص على ذلك في مقدمته – أنه إذا نص على ذكر الحديث من غير أن يصححه فإنه مقبول عنده .
فبدأ الإسراء والمعراج :
والإسراء بالليل ؛ لأن كلمة الإسراء تدل على ذلك.
يقول أهل اللغة : الإسراء هو : المشي أول الليل
وقال بعض أهل اللغة : هو المشي كل الليل .
ومما يدل على أنه بالليل قوله عز وجل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 4 )  Sad_1لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى))
لماذا بالليل ؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان غالب أسفاره بالليل ــــــــ لم ؟
لكي يوافق عليه الصلاة والسلام فعله قوله ، فإنه عليه الصلاة والسلام حضَّ المسافرين على أن يسافروا بالليل ــ لم ؟
لم السفر بالليل دون النهار ؟
جاء في سنن أبي داود قوله عليه الصلاة والسلام : (( عليكم بالدلجة – وهو السير في الليل – عليكم بالدلجة فإن الأرض تُطوى بليل ))
فأُتي عليه الصلاة والسلام بالبراق : وهو دون البغل ، وفوق الحمار أبيض
لماذا البُراق ؟

قيل : لبريقه
وقيل : لسرعته .
ولماذا البراق ؟
لماذا لم يكن حمارا ؟
لماذا لم يكن خيلا ؟؟
لماذا لم يكن إبلا ؟
قال العلماء : لأن النبي عليه الصلاة والسلام في حالة سلم لا في حالة حرب .
ومعلوم أن الخيول والجمال في العادة يحارب عليها ، أما البراق فلا يحارب عليه .
ولو قال قائل :أليس الله عز وجل قادرا على أن يطوي الأرض للنبي صلى الله عليه وسلم طيا من غير أن يأتي له بهذه الدابة ؟
نقول : بلى ، ((إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) ، لكن لما كان هذا المركوب قد خُلقت العادة فيه بحيث إذا مشى تصل خطوته إلى طرف بصره، أي إلى منتهى بصره
فهذا من خوارق العادات ، ومثل هذه الخارقة تزيد النبي صلى الله عليه وسلم إيمانا وثباتا
ولأن الملوك في العادة إذا أرادوا أن يرسلوا أحدا إليهم ، وأرسلوا رسولا بعثوا معه مركوبا لكي يركبه ، ولله المثل الأعلى
فأتي النبي عليه الصلاة والسلام بهذا البراق ــــــــ ما الذي عليه ؟
جاء في سنن الإمام أحمد وسنن الترمذي : (( أُتي بالبراق مُسْرَجا مُلْجَما))
له لجام ، فلما ركبه النبي عليه الصلاة والسلام استصعب ( يعني أراد هذا المركوب أن ينزل النبي صلى الله عليه وسلم )
فقال له جبريل : ما حملك على هذا ، فوالله ما ركبك أحد أفضل منه .
فانفض هذا المركوب عرقا.
وهذا البراق قد سُخر للأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم
وذكر ابن حجر آثارا ، قال : يقوي بعضها بعضا على أن هذا البراق قد سُخر للأنبياء قبل النبي عليه الصلاة والسلام
وأما ما جاء في صفة هذا البراق من أن له جناحين أو أن له خدا كخد الرجل أو أن له عرفا كعرف الفرس أو أن له قوائم كقوائم الإبل أو أن له أظلافا وذنبا كذنب البقر أو أن صدره من ياقوتة حمراء أو أنه لا يمر على شيء ميت إلا حياه فكلها أحاديث ضعيفة ،
وأضعف وأنكر منها ما ذكره القرطبي رحمه الله في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي :
ذكر عند سورة الإسراء حديثا طويلا فيه منكرات
من المنكرات الواقعة فيه : ما ذُكر انه عليه الصلاة والسلام صلى بيثرب وصلى ببيت لحم ، وصلى بسيناء
وكذلك ما ذكر من انه عليه الصلاة والسلام في طريقه تعرضت له اليهودية وتعرضت له النصرانية ، وقال له جبريل : لو وقفت لتهودت وتنصرت أمتك.
وتعرضت له الدنيا في صورة امرأة جميلة عليها من متع الدنيا .
فكل هذا ليس ثابتا عن النبي عليه الصلاة والسلام
فلما وصل جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس قام – كما عند الترمذي – وخرق بأصبعه الحجر وشد البراق .
وهذا من باب التوكل على الله عز وجل مع الأخذ بالأسباب
ولذا عند الترمذي لما جاء ذلك الأعرابي ومعه ناقة ، قال : يا رسول الله أأعقلها وأتوكل ، أم أطلقها وأتوكل ؟
قال : (( بل اعقلها وتوكل ))
فصلى عليه الصلاة والسلام ركعتين في البيت المُقدَّس ، وينطق " المَقْدِس " وهو " إيلياء "
هذه أسماؤه ، نسأل الله أن يعيده إلى المسلمين عاجلا غير آجل
فصلى عليه الصلاة والسلام ركعتين .
وخُير عليه الصلاة والسلام بين إناءين :من خمر ومن لبن ، فعُرض عليه الإناءان فاختار عليه الصلاة والسلام اللبن ، فقال جبريل : الحمد لله الذي هداك للفطرة ، لو اخترت

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 4 )  Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 4 )

more_horiz
[size=32]الخمر لغوت أمتك .
لماذا اللبن ؟
ولماذا الخمر ؟
اللبن : لأنه حلو المذاق؟، سهل الهضم ، ولأن من رأى في منامه لبنا فإنه يدل على فطرة سليمة :
قال النبي عليه الصلاة والسلام – كما جاء عند البزار : (( اللبن في المنام فطرة ))
ولأنه كما جاء في الحديث الصحيح أنه لا يغني شيء عن الطعام والشراب سوى اللبن .
ولأنه عليه الصلاة والسلام – كما صح عنه – إذا قُدم له طعام قال : (( اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خيرا منه )) وإذا شرب اللبن قال : (( اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه ))
ولأن رؤية اللبن في المنام يدل على العلم – كما ثبت ذلك في الصحيح
وأما الخمر :
فلأن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر كما عند الطبراني : (( أنه أم الخبائث ، وأكبر الكبائر من شربها وقع على أمه وخالته وعمته ))
وقال عليه الطبراني : (( من شرب الخمر ، ومات وهي في قلبه مات ميتة جاهلية ))
انظر إلى الفرق :
الخمر ميتة جاهلية ، اللبن فطرة
فهناك اختلاف وافتراق بينهما
بالمناسبة هذه الخمر واللبن عُرضا على النبي عليه الصلاة والسلام في رواية عند سدرة المنتهى .
وعلى كل حال فلا اختلاف بين الروايتين ؛ لأنه قد يكون هذه قد تعددت للنبي عليه الصلاة والسلام
بعد ذلك عُرج بالنبي صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس إلى السماء وليس الصعود على البراق كما توهمه ابن أبي جمرة ونقل ذلك ابن حجر رحمه الله في الفتح ورد عليه
بل نص ابن حجر وابن كثير على أن النبي صلى الله عليه وسلم عُرج من بيت المقدس إلى السماء بالمعراج
ما هو المعراج ؟
هو سُلم له درج
أما كيفيته وصفته فالله أعلم به نحن نسلم ، ونؤمن به.
ولذا يقول الإمام أحمد رحمه الله في كتابه أصول السنة يقول : في باب العقائد لا تقل لم ؟ ولا كيف ؟ لا تقل لم أمر الله ؟ ولا كيف حصل هذا ؟
لا تقل لم ولا كيف ، إنما هو التسليم والانقياد
فصعد النبي عليه الصلاة والسلام ومعه جبريل فطرق باب سماء الدنيا ، وهذا يدل على ان لها أبوابا ، وأن لها خزانا وحفظة ، لأنه لما طُرق الباب قالت حفظة السماء الدنيا : من ؟
قال جبريل : قالوا من معك؟
قال : محمد
قالوا : أو قد أرسل إليه ؟
ليس معنى الإرسال أنه عليه الصلاة والسلام قد أُرسل وبُعث إلى الناس ، ( لا ) أو قد أرسل إليه ؟
الإرسال هنا : أو قد أرسل إليه أن يُعرج به من الأرض إلى السماء
ولذا انظروا إلى الأدب الحاصل :
قالوا من ؟
قال : جبريل .
لم يقل أنا ، ولذا النبي عليه الصلاة والسلام – كما عند البخاري ومسلم من حديث جابر- لما طرق عليه جابر الباب فقال عليه الصلاة والسلام : من ؟
قال : أنا ،- فكأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يرغب في تلك الكلمة قال : (( أنا أنا ))
فقالوا : مرحبا به فنعم المجيء جاء

فوجد في السماء الدنيا " آدم " ففُتحت له فسلم عليه فردّ عليه السلام ، فقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والابن الصالح
مدحه ، والمدح في الوجه يجوز إذا لم تُخش مفسدة ، الأصل هو المنع لما في الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام : (( قطعت عنق صاحبك ، إن كان أحدكم مادحا أخاه لا محالة فليقل أحسبه كذا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا ))

لكن إذا وُجد أن هذا الثناء لا يزيد هذا العبد إلا خضوعا وانكسارا بين يدي الله عز وجل ، كما مُدح عليه الصلاة والسلام في وجهه ، وكما مدح النبي عليه الصلاة والسلام بعض صحابته فإنه لا بأس به .
ولكن الأصل هو المنع ، والأفضل في مثل هذا الزمن الذي قلّ فيه الإيمان ألا يكون هناك مدح في الوجه .
فرأى النبي عليه الصلاة والسلام" أسْوُدة عن يمين آدم وعن شماله " فإذا التفت آدم إلى من عن اليمين ضحك ، وإذا التفت إلى من عن اليسار بكى
فقال عليه الصلاة والسلام : " يا جبريل من هؤلاء ؟ "
قال : هؤلاء نَسَم بنيه ( يعني أرواح بنيه )،من عن يمينه : هم أهل الجنة ، فإذا نظر إليهم ضحك وفرح ، ومن عن شماله هم أصحاب النار فإذا التفت إليهم بكى شفقة على أمته وشفقة على أبنائه كما قال النووي رحمه الله
ورأى في السماء الثانية ابني الخالة : " عيسى ويحيى"(( أقرب شبها به عروة بن مسعود الثقفي – قال : ليس بالطويل ولا بالقصير وكان أحمر يميل إلى البياض ، وكان شعره ناعما سبطا ))
والنبي عليه الصلاة والسلام قال سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 4 )  Sad_1
كأنما خرج من دِيْماس – يعني من حمام- لنضارة وجهه وكثرة مائه ))
فكان عليه الصلاة والسلام يصعد إلى كل سماء ، فكلما التقى بنبي رحّب به ودعا له بالخير .
فالتقى في السماء الثالثة بـ " يوسف "
قال عليه الصلاة والسلام – كما عند مسلم - : (( قد أُعطي شطر الحسن ))
إذاً ماذا أُعطي النبي عليه الصلاة والسلام ؟
إذا كان يوسف قد أعطي نصف الحسن ، فماذا أعطي النبي عليه الصلاة والسلام ؟
جاء عند الترمذي قوله عليه الصلاة والسلام : (( ما بعث الله نبيا إلا بعثه حسن الوجه حسن الصوت ، وإن نبيكم كان أحسنهم صوتا وأحسنهم وجها ))
هذا الحديث ضعفه الألباني ، لكن ابن حجر رحمه الله سكت عنه ، وعلق عليه ،والتعليق فرع عن التصحيح ، أي هو صحيح عنده ، فدل على أن يوسف قد أعطي – كما قال بعض العلماء – شطر حسن النبي صلى الله عليه وسلم .

والتقى في السماء الرابعة بـ " إدريس "
والتقى في السماء الخامسة بـ " هارون "
والتقى في السماء السادسة بـ " موسى "
ووصفه النبي عليه الصلاة والسلام فقال : (( إنه آدم – يعني فيه أُدمة أي سمرة )) وقال : (( إنه طويل ))
وقال : (( إنه ضرب – يعني نحيف ))
وأخبر في حديث انه مسترسل الشعر ، وجاء عند مسلم أنه جعد ، والجعد على التفسير أو الرواية الذي رجحها النووي رحمه الله أنه جعد البدن تجعد بدنه وليس تجعد الشعر حتى تتفق الروايتان
فلما مرّ به بكى ، فقيل له : ما يبكيك يا موسى؟
فقال : هذا الغلام بُعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر من أمتي
وهذا البكاء بكاء حسد ، لكنه ليس حسدا ليتمنى زوال النعمة ، لا ، لكنه حسد غبطة ؛ لأن مثل هذا يُغبط عليه ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال – كما في صحيح مسلم - : (( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ))
وسماه غلاما ، ووصفه بأنه غلام ليس تنقصا ، وإنما العرب إذا وجدت الرجل قد اكتمل في بدنه وصحته ولو كان شيخا كبيرا أطلقوا عليه لفظ الغلام .
ولذا في حديث الهجرة كان الناس يطلقون على النبي صلى الله عليه وسلم لفظ " الشاب " ويطلقون على أبي بكر لفظ " الشيخ " مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أسن من أبي بكر

ولذا يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " من لم يحسد البتة ، لا حسد غبطة ، ولا غيره فهو أفضل "
ولذا امتاز أبو بكر على عمر لما حدث ما حدث في الصدقة عند الترمذي: " فأتى عمر بنصف ماله ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ماذا أبقيت لهم ؟
قال : أبقيت لأهلي النصف
فأتى أبو بكر بجميع ماله ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( ماذا أبقيت لهم ؟
قال : أبقيت لهم الله ورسوله
يقول عمر لما أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالصدقة ، يقول : " أسبق اليوم أبا بكر إن سبقته "
فيقول :" منزلة أبي بكر أرفع منزلة من منزلة عمرــــــــــ لم ؟
لأن أبا بكر لم يحصل في قلبه حسد لا غبطة ولا غيره
وأما عمر فقد حصل في قلبه حسد غبطة ، فهو حسد محمود لا يُذم عليه
وفي السماء السابعة التقى بإبراهيم
فقال عليه الصلاة والسلام : (( أنا أشبه ولده به ، وقد أسند ظهره إلى البيت المعمور))
أقسم الله عز وجل بالبيت المعمور في سورة " الطور " ، وهذا البيت المعمور يقول ابن كثير رحمه الله : " هذا من جنس الجزاء على العمل ، فإنه لما بنى الكعبة الأرضية كوفئ إبراهيم في السماء السابعة أن يسند ظهره إلى البيت المعمور الذي هو قبلة وكعبة أهل السماء ، الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لا يعودون إليه أبدا "
قال ابن حجر رحمه الله : " وهذا يدل على أن أكثر المخلوقات عددا هم الملائكة عليهم الصلاة والسلام "
وهذا البيت المعمور يقول ابن كثير رحمه الله وردت تسميته بأنه " الضُّراح "ورد في حديث مرفوع لكنه ضعيف .
قال : وقد ورد موقوفا عن بعض الصحابة كـ " علي رضي الله عنه"
وقد جاء في حديث حسنه الألباني رحمه الله : (( أن البيت المعمور الذي في السماء بحيال الكعبة ))
لو سقط البيت المعمور لسقط تلقائيا على الكعبة
هذا ما حسنه الألباني رحمه الله.
لو قال قائل : لماذا التقى بهؤلاء الأنبياء في السماء دون غيرهم ؟
ولماذا كانت منازلهم على هذا الترتيب ؟
لماذا :
آدم
ثم عيسى
ثم يوسف
ثم إدريس
ثم هارون
ثم موسى
ثم إبراهيم
عليهم الصلاة والسلام
لماذا كانوا بهذه المرتبة ؟ مع أن عيسى من أولي العزم من الرسل ، وهو أفضل من هارون ، وهو أفضل من إدريس ــــــــــــ لم ؟
سنجيب عنه عن شاء الله بعد جلسة الاستراحة
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي كان توابا رحيما
[/size]

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 4 )  Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 4 )

more_horiz
الخطبة الثانية


أما بعد ، فيا عباد الله :
لماذا التقى النبي عليه الصلاة والسلام بهؤلاء الأنبياء في هذه السماوات ؟
قال العلماء : لأنه عليه الصلاة والسلام سيجري له نظير ما جرى لهؤلاء
فآدم عليه السلام : أُهبط من الجنة إلى الأرض
ففيه دلالة على أن النبي عليه الصلاة والسلام سيُخرج من مكة
أما يحيى وعيسى : إشارة إلى أن اليهود كما عادوا هذين النبيين سيعادون النبي عليه الصلاة والسلام إذا هاجر إلى المدينة ، وقد وقع
أما يوسف : فلأن يوسف جرى له مع إخوته ما جرى فكانت العاقبة له
فكذلك النبي عليه الصلاة والسلام جرى له مع بعض قومه من أقربائه ما جرى فكانت العاقبة للنبي عليه الصلاة والسلام ، فأطلق سراحهم، ومنّ عليهم يوم الفتح – كما منّ يوسف على إخوته .
أما إدريس : فلأن الله عز وجل قال : {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } فيكون النبي عليه الصلاة والسلام بعد هذه الاضطهادات قد رُفع إلى منزلة عالية
وأما هارون :فلأن قومه لما أبغضوه أحبوه في نهاية الأمر، وهذا جرى للنبي عليه الصلاة والسلام ، فقد أحبه من كان قد عاداه بعد أن أسلم
وأما موسى : فلأنه عالج بني إسرائيل ووجد منهم شدة ، ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام – لما أُوذي عليه الصلاة والسلام تمثَّل بموقف موسى ، قال سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 4 )  Sad_1 رحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ))
وأما إبراهيم عليه السلام : فلأن النبي عليه الصلاة والسلام سيكون آخر أمره أن يحج هذا البيت الذي بناه أبوه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
أما لماذا كانوا في هذه المنازل ؟
فآدم :
كان في السماء الدنيا ؛ لأن نسم بنيه تعرض عليه ، فكان قريبا من ذلك ، قال ابن حجر رحمه الله : " لا يدل على أن أرواح الكفار تصعد إلى السماء ، وإنما العرض حاصل ، وهذا أمر غيبي لا تدركه العقول .
ولأن أدم هو أب للنبي عليه الصلاة والسلام ، ومعلوم في مثل هذه المقامات يحتاج الابن إلى أُنس وتأنيس أبيه.
وأما عيسى :
فلأنه أقرب عهدا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، لذا قال عليه الصلاة والسلام : (( ليس بيني وبينه نبي ))
ولأنه سيهبط إلى الأرض لأنه حي ، ولأنه إذا هبط إلى الأرض في آخر الساعة فسيحكم بشريعة النبي عليه الصلاة والسلام .
أما يوسف :
فلأن أمة النبي عليه الصلاة والسلام ستدخل الجنة على حسن يوسف كما جاء ذلك في الحديث ، وإن كان فيه ما فيه لكن ابن حجر سكت عنه رحمه الله
وأما " إدريس " :
فلعلو منزلته ، وقد قال عز وجل : {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً }إشارة إلى علو النبي عليه الصلاة والسلام
وأما هارون :
حتى يكون قريبا من أخيه موسى .
وأما موسى :
لأنه زاد على هارون بان الله عز وجل كلمه فارتفع
وأما إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان في السماء السابعة :
قالوا : لأنه نال الخلة ، وهي أعظم درجات المحبة فامتاز بهذه السماء
ولذا فالنبي عليه الصلاة والسلام صُعد به إلى أعلى من ذلك ، مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم .
وقال بعض العلماء :هو في السماء السابعة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحاجة أخرى إلى تأنيس من أب ، فكما أُنس من آدم أُنس بإبراهيم عليه الصلاة والسلام لأنه أبوه
وقال بعض العلماء :لأن السماء السابعة تدل على السنة السابعة من الهجرة ، وإبراهيم قد بنى البيت ولم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة ليطوف بالبيت بعد الهجرة إلا في السنة السابعة إذ صُدَّ عليه الصلاة والسلام في السنة السادسة من الهجرة عن البيت .
ثم بعد ذلك حصل للنبي صلى الله عليه وسلم ما حصل .
وللحديث تتمة إن شاء الله حتى لا أطيل.
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد