بسم الله الرحمن الرحيم

يستحب لصاحب الطعام آدابا كثيرة منها :

ترك التكلف وذلك يعنى أن لا يستقرض لأجل ذلك فيشوّش على نفسه بل يقدّم ما حضر عنده فقد قال صلى الله عليه وسلم {لَا تتَكَلَّفُوا لِلضَّيْفِ فَتُبْغِضُوهُ فَإِنَّهُ مَنْ أَبْغَضَ الضَّيْفَ فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ وَمَنْ أَبْغَضَ اللَّهَ أَبْغَضَهُ اللَّهُ}[1]

ومن التكلف أن يقدم جميع ما عنده فيجحف بعياله ويؤذى قلوبهم بل لابد أن يدخر لهم شيئا حتى يحبّون الضيفان ولا يبغضونهم ولا تضيق صدورهم وتنطلق في الضيفان ألسنتهم

أن يهشّ ويبشّ للضيف ويحسن استقباله لقوله صلى الله عليه وسلم {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ}[2]

وقوله صلى الله عليه وسلم {إِذَا جَاءَكُمُ الزَّائِرُ فَأَكْرِمُوهُ}[3]

أن يشهّى المزور أخاه الزائر ويلتمس منه الاقتراح مهما كانت نفسه طيبة بفعل ما يقترح فذلك حسن وفيه أجر وفضل جزيل فقد قال صلى الله عليه وسلم {مَنْ صَادَفَ مِنْ أَخِيهِ شَهْوَةً غُفِرَ لَهُ وَمَنْ سَرَّ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ فَقَدْ سَرَّ اللَّهَ تَعَالَى}[4]

أن لا يقول له هل أقدّم لك الطعام؟ بل ينبغي أن يقدّم الطعام ويدعوه إليه فذا من أدب الكرام

يعجّل إحضار الطعام لأن ذلك من إكرام الضيف وقد قال حاتم الأصم رضي الله عنه : العجلة من الشيطان إلا في خمسة فإنها من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم {إطعام الضيف وتجهيز الميت وتزويج البكر وقضاء الدين والتوبة من الذنوب}

يستحب لصاحب الطعام أن يباسط الإخوان بالحديث الطيب وحكايات الصالحين ويأكل ويشرب مع أبناء الدنيا بالأدب ومع الفقراء بالإيثار ومع الأخوان بالانبساط ومع العلماء بالتعليم والإتباع قال الإمام أحمد {يأكل بالسرور مع الإخوان وبالإيثار مع الفقراء وبالمروءة مع أبناء الدنيا]

أن يقدّم لضيفه قدر الكفاية إذ التقليل نقص في المروءة والزيادة تصنّع ومراءاة وكلا الأمرين مذموم إلا إن قدّم الكثير وهو طيّب النفس أو نوى أن يتبرّك بفضلة طعامهم فقد قال صلى الله عليه وسلم {ثلاثة لا يحاسب العبد عليها : أكلة السحور وما أفطر عليه وما أكل مع الإخوان }[5]

أن لا يبادر إلى رفع الطعام قبل أن ترفع الأيدي عنه ويتم فراغ الجميع من الأكل وكذا لا يرفع صاحب المائدة يده قبل القوم فإنهم يستحيون بل ينبغي أن يكون آخرهم أكلا

إذا دخل ضيف للمبيت فليعرفه صاحب المنزل عند الدخول القبلة وموضع الوضوء وكذلك يستحب أن يكون عنده فراش للضيف النازل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ وَفِرَاشٌ لاِمْرَأَتِهِ وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ}[6]

أن يشيّع الضيف إلى باب الدار وهو سنّة وذلك من إكرام الضيف قال صلى الله عليه وسلم {إِنَّ مِنْ سُنَّةِ الضَّيْفِ أَنْ يُشَيَّعَ إلى بَابِ الدَّارِ}[7]

وقال أبو قتاده {قدم وفد النجاشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يخدمهم بنفسه فقال له أصحابه نحن نكفيك يا رسول الله فقال: كَلاّ إِنَّهُمْ كَانُوا لأَصْحابِـي مُكْرِمِينَ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُكَافِئَهُمْ»}[8]


[1] رواه أبو بكر بن لال في مكارم الأخلاق من حديث سلمان رضي الله عنه [2] متفق عليه من حديث أبى سريج رضي الله عنه [3] رواه الخرائطى في مكارم الأخلاق من حديث أنس رضي الله عنه [4] رواه البزار والطبراني من حديث أبى الدرداء رضي الله عنه [5] رواه الديلمى في مسند الفردوس من حديث أبى هريرة رضي الله عنه [6] رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه [7] مكارم الأخلاق للخرائطي عن ابن عباس رضي الله عنهما [8] إحياء علوم الدين