السلام عليكم
موضوع بيشغل الكثير منا , وهوالخوف منالموت ,ولكن لماذا نخاف من الموت؟


أن التفكير في الموت لم يأخذ حيزًا كبيرًا من حياتك، تصل لدرجة الشلل التام، وإنما هو أثر على نفسيتك في اتجاه بعض القرارات، وبعض التصرفات، أما ما سوى ذلك: فإن الأمور ما زالت على ما هي عليه، وما زالت في وضعٍ طيبٍ، ولا يوجد هناك إشكال يتعلق بها.

والحمد لله أن الله -تبارك وتعالى- أكرمك، بأن وظَّفتِ الخوف بطريقة إيجابية، فأنت أساسًا ذكرت أنك لا تخافين من الموت، ولكن تخافين أن تموتي على غير عملٍ صالحٍ أو تموتي على معصية لله تعالى، وهذا الكلام هو الذي يشغل بالك، وهو الذي يشغل تفكيرك.

وأنا أقول بارك الله فيك: إن هذا الأمر ما تمَّ وضعه إلا حماية للمسلمين من أمثالك، ومن أمثالي، ولذا فإن الله -تبارك وتعالى جل وعلا- منَّ عليك ألا تخافي من الموت، ولكنك تخافين أن تموتي على معصية، أحب أن أبشرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من مات على شيءٍ بُعث عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إنما يُبعث العبد على ما مات عليه).

فما دمت الآن حريصةً على طاعة الله، وقد أكرمك الله -تبارك وتعالى- بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وقراءة القرآن والأذكار، وقد تعلق قلبك بالله -سبحانه وتعالى-، وأصبح لسانك يلهج بذكر الله عز وجل، فأعتقد أنك في وضع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ)، فهذه الوضعية التي أنت عليها وضعية رائعة جدًّا، وسوف ينفعك الله -تبارك وتعالى- بها في الدنيا والآخرة؛ لأنك بدأت تؤدين العبادات بقناعاتك الشخصية، ولا يعدو الأمر كما كان سابقًا، أنه مجرد إرضاءً لوالديك، وهذا في حد ذاته يعتبر إنجازًا رائعًا.

أتمنى أن تحافظي على الصلوات في أوقاتها، تحافظي على وردك من القرآن الكريم يوميًا، أن تُكثري من ذكر الله -تبارك وتعالى- أن تُكثري من الاستغفار، وأن تُكثري من الصلاة على النبي محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- و-بإذن الله تعالى- هذه الحالة هي التي غالبًا ستموتين عليها بعد عُمرٍ طويل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا:" أن العبد يُبعث على ما مات عليه"، فأهل الطاعة يُبعثون على الطاعة، وأهل المعاصي يُبعثون على المعاصي.

بجانب ذلك أن يسأل الإنسان الله تعالى الثبات، وأن يدعو بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمةُ أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر اللهم زيِّنَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداة مهتدين. اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم لقائك) وغير ذلك من الأدعية.

كونك تخافين أنك ستموتين على معصية الله، هذا خوفٌ في محلِّه، وهو كلامٌ رائعٌ وجيدٌ وواقعيٌ، ولكن بما أنك حريصة على الطاعة لن تموتي -إن شاء الله تعالى- إلا على الطاعة، أما إذا كان لديك معاصي فإنه يُخشى أن يموت العبد عليها، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: (فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها).

ومن هنا أقول لك: عليك أن تطمئني - باركَ الله فيك -.

وبالنسبة للخشوع: الله -تبارك وتعالى جل وعلا- جعل لكل شيءٍ سببًا، ومن هذه العبادات العظيمة (عبادة الخشوع)، تحتاج إلى الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن الله يرزقك عبادة الخشوع، ثم بعد ذلك تجتهدين - من أول الأذان – في ترديد الأذان، والاستعداد للصلاة في أول وقتها، وحافظي على أن يكون وضوؤك وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- وحافظي على طاعة الله، التي بها تُعانين على مقاومة هذه السلبيات، وتدبري الآيات والذكر والتسابيح التي تقرئينها في الصلاة، وخير مثال للخشوع: هو وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- للإحسان، حيث قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) بمعنى: إذا حصل من العبد أن عبد الله كأنه يراه فقد حصل الخشوع، وإن لم يكن كذلك فليعلم أن الله يراه، فيُحْسِنُ صلاته ويعقلها.


الأمر سهل ميسور بفضل الله، والناس يُحبون الخير ويحرصون عليه، والذي يُحب الخير ويحرص عليه، يموت عليه، فثقي وتأكدي أن الله لن يُضيعك، وعليك بقراءة كُتيب صغير، أو الدخول على موقع البحث جوجل وكتابة (أسباب الخشوع) للشيخ محمد المنجد،