إن الذي خلق الظلام يراني 12871102299










وإذا خلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى الطغيانِ
فاستحيي من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يراني



 إن الذي خلق الظلام يراني 128711483615


تعليق الشيخ صالح السحيمي حفظه الله:


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلَّ الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
ينبِّه المصنف رحمه الله تعالى في هذين البيتين على أهمية مراقبة العبد لربه وخشيته خشية مَن يَعلم أنه يَعلم السِّر وأخفى وأنه يعلم حركاته وسكناته ، يعلم ما يُسِّر وما يعلن وما يظهر وما يبطن ، يعلم السر وأخفى يستويان عنده إذ أنه سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية بل يعلم ما توسوس به الصدور وما يجول في الخواطر والضمائر ، يعلم ما في البر والبر





{ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [الأنعام/59]

فإذا ما حدثته نفسه بفعل سيئة أو ذنب أو منكر تذكر أن له رباً يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فأقلع خوفاً وفرَقاً من الله وترك لأنه يعلم أن الله يراه { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}
[الأعراف/201]




 إن الذي خلق الظلام يراني 128711483615




فهو يصف العبد المؤمن المحسن الذي بلغ درجة الإحسان ، والإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، إذا بلغ هذه الدرجة وسوّلت له نفسه أو همّت بفعل منكر في الظُّلَم ، إذا همَّت نفسه بسوء في الظلام الذي لا يراه فيه إلا الله وحده قال لها : ارْعَوِي أيتها النفس فإن الذي خلق هذا الظلام الذي تَسْتَكِنِّين فيه وتستترين به يراني ، مُطَّلِعٌ على حركاتي وسكناتي ، بهذا يُقلع ويعود إلى ربه ويتذكر الآخرة والجنة والنار والثواب والعقاب فيقلع ويترك رغبة فيما عند الله وخوفاً منه ،
فهذه هي حقيقة الإحسان .وفي هذا المعنى جاء الحديث الصحيح


:" من همَّ بحسنة فعملها فهي بعشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف مضاعفة ومَن هَمّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ومن هم بسيئة فعملها كتبت عليه سيئة واحدة ومن هم بسيئة فلم يعملها - تركها خوفاً من الله - كتبت له حسنة "

 إن الذي خلق الظلام يراني 128711483615




لأن الله تعالى يبدل سيئاته حسنات .
فمراقبة الله عز وجل من أعظم ما يُقرب إلى الله ، إذا راقب المسلم نفسه ووضع عليها رقيباً من نفسه لشعوره بأن الله يَرقبه ويراقبه ويطّلع على حركاته وسكناته وجميع تصرفاته فهذا هو دأب المسلم الذي يعيش في الدنيا للآخرة الذي يراقب ربه مستعداً للرحيل في أيّة لحظة كما قال ابن عمر رضي الله عنه : صلِّ صلاة مودع وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر



لا تنتظر المساء ، فهذا هو شأن المؤمن الحق الذي يراقب ربه ..