الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعدُ :

"فإنْ قال قائل: إنه قد جاء تمني الموت من مريم ابنة عمران، حيث قالت: [b][b]﴿[/b][/b]يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَّنْسِيًّا[b][b]﴾[/b][/b][مريم: من الآية23]، فكيف وقعت فيما فيه النهي؟

فالجواب عن ذلك أن نقول:


أولاً: يجب أن نعلم أن شرع من قبلنا إذا ورد شرعنا بخلافه فليس بحجة؛ لأن شرعنا نسخ كل ما سبقه من الأديان.


ثانياً: أن مريم لم تتمن الموت، لكنها تمنت الموت قبل هذه الفتنة ولو بقيت ألف سنة، المهم أن تموت بلا فتنة، ومثله قول يوسف عليه الصلاة والسلام [b][b]﴿[/b][/b] أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ[b][b]﴾[/b][/b][يوسف: من الآية101] ليس معناه سؤال الله أن يتوفاه، بل هو يسأل أن يتوفاه الله على الإسلام، وهذا لا بأس به، كأن يقول: اللهم توفني على الإسلام وعلى الإيمان وعلى التوحيد والإخلاص، أو توفني وأنت راض عني وما أشبه ذلك.
فيجب معرفة الفرق بين شخص يتمني الموت من ضيق نزل به، وبين شخص يتمني الموت على صفة معينة يرضاها الله عز وجل!
فالأول : هو الذي نهي عنه الرسول عليه الصلاة والسلام.
والثاني : جائز." اهـ

شرح رياض الصالحين
للشيخ العثيمين - رحمه الله -
باب: الصبر